بقلم : عائشة سلطان
«فيسبوك» و«تويتر»، مجتمعان افتراضيان، نعيش فيهما بشكل كامل ويومي وباستمرار، وبالتوازي تماماً مع المجتمع الحقيقي الذي نتحرك فيه (الأسرة، المنزل، مؤسسة العمل، الشارع..).المعروف أن هناك إقبالاً متزايداً على هذين التطبيقين (2,5 مليار شخص مسجلون في فيسبوك) ما جعل مؤسسات دولية كالأمم المتحدة ترصد عدد الأشخاص المسجلين فيهما والذين تطلق عليهم مصطلح «السكان الرقميون» .
وذلك لدراسة توجهاتهم وسلوكياتهم وأفكارهم وتفضيلاتهم، بحسب ما ينتجونه من محتوى على شكل تغريدات وتدوينات مستمرة تعبر عن توجهات متعددة ومتباينة!
مع ذلك، فمجتمع «فيسبوك» يبدو شديد الغرابة وأحياناً لا يخلو سلوك الكثير فيه من الشراسة والتطفل وتجاوز الحدود الدنيا للتعامل المهذب أو الملتزم، بالرغم من وجود قانون واضح وملزم يحدد طبيعة الجرائم الإلكترونية، والعقوبات التي تطبق بمنتهى الحزم على المتجاوزين والتي قد تصل للسجن والغرامات المالية الباهظة!
مع ذلك فسلوكيات أفراده لا تخلو من غرابة ورغبة مستمرة في الإيذاء أو الهجوم الشرس عليك بسبب آرائك ومواقفك التي تدونها أو تعلنها بكل صراحة، مع أن أحد أسباب إقبال الناس على هذين التطبيقين هو منسوب الحرية العالي الذي تمنحه لمنتسبيها، والتي أصبحت معه هذه التطبيقات بيئة استقطاب لملايين الناس من جميع الأعمار!
تفسير آرائك حسب ما يرون والهجوم عليك من هذا المنطلق، تحليل توجهاتك، تأويل صورك وحركاتك، الحكمة التي تكتبها لها أكثر من تفسير.
والكتاب الذي تقرؤه له أكثر من معنى، ثم حدث ولا حرج عن إصدار الأحكام المجانية، بحسب المواقف السياسية التي ينتمي إليها كل فريق، من دون أن يفكر بعض من تعتقد أنهم على درجة من الوعي في التأني قليلاً قبل إصدار أحكامهم على الآخرين ومدى الحماقة التي يرتكبونها بسبب ذلك!
كيف نحكم هكذا وببساطة على أشخاص لا نعرفهم، ولم نلتقِ بهم، ولم نسمعهم يتحدثون طويلاً عن قناعاتهم وأفكارهم كلها، كيف نظن أن تدوينة على «فيسبوك» يمكنها أن تقدم دراسة كاملة عن شخصية إنسان لا يتورع البعض عن اتهامه في دينه ووطنيته وانتمائه وأخلاقه؟