بقلم : عائشة سلطان
أحد الكتب التي ترجمها مشروع كلمة التابع لحكومة أبوظبي، وهو مشروع مهم ويستحق التحية والاحتفاء، لجدية ما يطرحه من ترجمات أولاً، ولاستمراريته وصموده في ميدان يتطلب الكثير من المال والجهد والمتابعة الدقيقة والصارمة، خاصة أن المشروع انتهج منذ انطلاقته حتى اليوم مستوى متفوقاً في نوعية وشكل وحجم إصداراته وتنوعها، فتناول ترجمة معظم ما تنتجه المعرفة الإنسانية بكل لغاتها، دون تمييز بينها سوى معيار الجودة والحاجة!
هناك حاجة لترجمة أعمال نوبل التي تصدى لها المجمع الثقافي في السنوات السابقة بالتعاون مع بعض دور النشر العربية، ونراها أجدى وأولى بالاهتمام من كثير مما يترجم من آداب شرق آسيا، فليس كل ما تنتجه ثقافة تلك البلدان يمكن قبوله بالشغف والاستحسان ذاته، ومع ذلك فالتنوع الذي يمتاز به نتاج هذا المشروع يستحق المتابعة من قبل المثقفين والأدباء ومسؤولي التربية والتعليم، وبلا شك فإن ما يصدر من سلاسل علمية وتثقيفية للصغار ملفت بشكل باهر، تبقى قضية الأسعار التي ربما لا تتسق مع إمكانات الأطفال أو ذويهم، ما يستدعي اللجوء إلى خصومات مقننة لحاملي هوية طالب مثلاً!
مشروع كلمة للترجمة يمثل ذراعاً عربيةً قويةً لنقل معارف العالم وآدابه للمواطن العربي، ولا يقل أثراً بأي حال عن مشروع المركز القومي للترجمة في مصر مع فارق في العمر وأسبقية المركز زمنياً، وفي ملاءمة أسعاره لجميع فئات وشرائح القراء، وتحديداً الطلاب والباحثين ومحدودي الدخل، وذلك بسبب مستوى الطباعة أو ما يعرف بالطبعات الشعبية، إضافة إلى ما يتلقاه المشروع من دعم حكومي يصبّ حتماً في دعم الثقافة عموماً وترسيخ ثقافة القراءة بين أفراد المجتمع على وجه الخصوص.
إن الدعم الحكومي الذي تحظى به المشاريع الثقافية الضخمة من هذا النوع يترجم دور الدولة في خدمة الثقافة، ويبرهن على أن الثقافة لم تكن يوماً مشروعاً تجارياً على حساب المجتمع، وهذا بدوره يقودنا إلى سؤال جوهري: هل يصح للحكومات العربية أن تتخلى عن دعم الثقافة مادياً ومعنوياً تحت ذريعة سياسات التنافسية ومتطلبات اقتصادات السوق الحر الذي لا يعترف بالدعم؟