بقلم _ عائشة سلطان
في معارض الكتب، أنت في حضرة الكتاب أينما توجهت، وفي صحبة الرواية والراوي أينما سرت أو جلست، فهي مدائن الكتب والقراء، وهي المنتديات والحوارات والنقاشات، وهي، من زاوية نظر أكثر شجاعة وقوة، غرفة الاختلافات وتباين وجهات النظر المطلة على الحرية وممارسة الإنسانية في أبهى تجلياتها، فقد نبدو غير طبيعيين ومتناقضين حين نصرّ على أن نظهر متفقين في كل شيء، ونُسخاً كربونية بعضنا من بعض.
إن الحياة أجمل في التنوع، أما في ظل اللون الواحد والشكل الواحد والرأي الواحد، فإننا نحكم على أنفسنا بالسأم والرتابة والظلم وضيق العيش والأفق، وربما بالبؤس لاحقاً.
قبل أن تحضر تلك الروائية إلى الإمارات، وقبل أن تتعرف إلى التنوع الإنساني الذي يزخر به الخليج، بكل ما يستدعيه من تسامح وقبول للآخر وانفتاح على الجميع، وباللاتشدد واللاقمع واللامصادرة، قبل أن تطأ قدماها الإمارات، كانت تكتب عن الخليج كأنها تكتب عن روسيا زمن ستالين، فالخليج من وجهة نظرها (التي عبّرت عنها بوضوح) ليس سوى منطقة في الجغرافيا معادية لتطلعات أمة العرب وثوابتها، وفي الإرث الإنساني ليس سوى قفر خالٍ من أي ميراث أو زخم حضاري، الخليج، كما قالت، مجرد منطقة جَمَّعت كينونتها من ميراث حضارات الشام والعراق، وحتى ديانتها كذلك.
قد يبدو صادماً أن يكتب مثقف وروائي عربي يعيش في الجوار، وليس في المريخ، هذا الرأي عن جيرانه وأهله (هذا إذا اعتبرت أهل الخليج أهلها بحكم أننا لسنا طارئين على الجغرافيا والعروبة)، ومع ذلك استقبلها الخليج وكرَّمها، وأراها ما كان يجب عليها أن تسعى بنفسها لمعرفته، فالتاريخ والثقافة لم يتوقفا عند جلجامش وإنكيدو فقط، وإنما تواصلت السيرورة لتنجب أجيالاً بلا حصر، ومدناً بلا عدد، وثقافات وقيماً غائرة في تاريخ المنطقة العربية!
الرأي الواحد لا يقود إلى غير التعميمات الجائرة والجاهلة التي لا تقود إلى نتيجة!