بقلم - عائشة سلطان
«الفريج» هو مؤلَّف قيِّم وضعه المستشار إبراهيم بوملحه، دوَّن فيه جزءاً مهماً من ذاكرته وذكرياته التي ترتبط كما سمّاها بأيام «الزمن الجميل»، الكتاب لا يتحدث بالتفصيل سوى عن حيّ واحد فقط من بين أحياء عديدة في ديرة أو دبي وهو حي أو فريج «سكة الخيل»، باعتبار أنه الحي الذي وُلد ونشأ فيه المؤلِّف، وفيه قضى سنوات من طفولته المبكرة، وهو كما يقول ماثل وثابت في ذاكرته بمعالمه وبيوته ودكاكينه وسكيكه رغم مضيّ الأيام والسنين، وهو على أية حال نموذج لما كانت عليه أحياء دبي في تلك الفترة.
إن كتاب «الفريج» الصادر عام 2017، عن دار مداد للنشر في دبي، وإن لم يعرج صاحبه على ذكر بقية الأحياء بالتفصيل، والتي وجدت إلى جانب «سكة الخيل» مثل فريج الراس، والضغاية، فريج عيال ناصر، والمرر.. إلخ، إلا أنه قدم توثيقاً جيداً لملامح الحي القديم، سماته وتقسيماته وما كان يمتاز به، وما يميز ساكنيه من حيث اهتماماتهم وعاداتهم واحتفالاتهم وتطور حياتهم.
إن حي أو فريج «الراس» سُمي كذلك؛ لأنه يقع في أول مدينة ديرة، وفيه بُنيت أول مكتبة عامة في دبي عام 1960 ولا تزال قائمة حتى اليوم، لقد كان هذا الفريج -ولم يزل حتى اللحظة- يموج بالحياة والتجارة والبشر والبضائع والسفن و... إلخ، هذا الفريج الذي يطلّ على خور دبي، سكنته عائلات كبيرة، وماجت الحياة بكل تجلياتها في رحاب بيوت كان لها ولساكنيها شأن وأي شأن!
في ذلك الحي تأسست «الفرضة» التي تقع في مدخل خور دبي، وقد كان مكتب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي السابق ووالد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يطل عليها مباشرة، والفرضة هي المركز أو الميناء التقليدي الذي ترسو فيه السفن القادمة ناقلة بضائع الدنيا إلى دبي، هذه الفرضة التي اعتبرت نواة لدائرة الجمارك في دبي، ومقراً لمكتب الحاكم، التي لم تهدأ حركتها منذ ثلاثينيات القرن الماضي في دبي حتى اليوم.. وغداً نكمل.