بقلم - عائشة سلطان
ما الذي يجعل الناس في أي مجتمع صورة طبق الأصل عن بعضهم بعضاً؟ لا أتحدث عن تبنِّي الناس للأفكار نفسها، لكنني أتأمل في البشر الذين صاروا متطابقين تقريباً، مثل بشر القرون المقبلة التي تبشرنا بهم أفلام الخيال العلمي! صحيح أننا لم نصل بعد إلى بشر بأشكال غريبة وآذان طويلة ورقاقات تحت الجلد تضبط كل صغيرة وكبيرة، لكننا نسعى في هذا الطريق!
لا تقولوا إن هذه الظاهرة غير موجودة أو إنكم لم تلاحظوها، فالكل يريد امتلاك المقتنيات خارقة الجودة، والأجساد المثالية وأن يكون نجماً على مواقع التواصل بأي طريقة على قاعدة «اقتلني واجعلني جميلاً وغنياً ومشهوراً».. لماذا؟ لأجل المزيد من الثراء والمقتنيات والشهرة، بمعنى الدائرة المفرغة التي بلا نهاية!
لنتفق على أن الجمال ليس عيباً، والبحث عنه والسعي إليه ليس مشكلة على الإطلاق، المشكلة حين تبحث عنه لتشبه غيرك حتى وإن لم يناسبك هذا الشكل الذي سعيت إليه، لماذا علينا أن نكون كنجوم السينما، هؤلاء يعتاشون بتغيير أشكالهم وبعمليات التجميل، لا يعيشون حياة طبيعية أو عادية كالتي نعيشها، إنهم تحت الضغط والأضواء دائماً، لذلك يقعون فريسة الاكتئاب والإدمان والأمراض والعلاقات غير المستقرة، لماذا علينا أن نسعى لهذا الخراب، بينما نحن نتمتع بما لا يمكنهم الحصول عليه؛ الحياة العادية والبسيطة!
لقد أصبحت الحياة والسلوكيات وردَّات الفعل البسيطة والطبيعية والعادية أمراً نادراً، فالكل يريد أن يكون نجماً على مواقع التواصل، الكل يحلم بأن يكون «فاشينيستا»، لا شيء حقيقياً تقريباً، إنهم نادرون أولئك الذين يفكرون في أن يكونوا أنفسهم وأن يعتنقوا أفكاراً بسيطة ويعبروا عنها ويعيشوا وفقها، مع التسليم بتعقيدات الحياة وتشابكاتها التي لا تدع الإنسان في مأمن عن التقلبات والخضات، إلا أن التوغل والتشبه بالآخرين ليس حلاً ولا نعيماً على الإطلاق!.