بقلم - عائشة سلطان
في عام 2011، انتشرت بين الباحثين والمثقفين العرب، مقولة، أصبحوا يرددونها بشيء كثير من السخرية أحياناً، وعدم التصديق أحياناً، والأسى أحياناً أخرى، كما يتصارعون حولها ويختلفون ويجادلون، نظراً لأهميتها ودلالتها العظيمة بالنسبة لتركيبة وموقع العرب في بنية الحضارة والثقافة الإنسانية بشكل عام. هذه المقولة هي: إن مجموع ما يمضيه الفرد العربي في القراءة، لا يتجاوز 6 دقائق فقط لا غير، بحسب تقرير مؤسسة الفكر العربي!
رقم صادم، مخجل، ومسيء جداً، لكن الأهم قبل الانزلاق في وهم الرقم أن نسأل: هل هذا الرقم صحيح ودقيق، وله ما يثبته فعلاً في سجلات المؤسسات المؤهلة لإصدار مثل هذه الإحصاءات؟ هذا هو ما ناقشته العديد من التقارير، وما تصدى له الباحثون مؤخراً، كما أفرد له ساجد العبدلي مساحة جيدة في كتابه «خرافات حول القراءة»!
الحقيقة أنه لا يوجد أي دليل على كيفية وصول القائمين على إصدار تقرير مؤسسة الفكر العربي إلى هذا الرقم، كما أنهم لم يرفقوا أي مصدر معلوم له، وقد خاطب الكثير من الباحثين مؤسسة الفكر العربي للتثبت من مصادر الرقم أو الإحصائية، فقيل لهم بأنه مجرد رقم رمزي لا أكثر!
اكتشف الباحثون أن إحصائية الـ «ست دقائق»، قد نسبت إلى اليونيسكو، عندما ظهر تقرير لها في عام 2007، جاء فيه أن معدل القراءة اللاصفّية للطفل العربي لا تتجاوز الـ 6 دقائق، مقارنة بنظيره الغربي، الذي يقرأ 12 ألف دقيقة سنوياً، وأن ما يقرأه هذا الطفل لا يزيد على ربع صفحة سنوياً! بينما يقرأ الطالب الأمريكي ما مجموعه 11 كتاباً سنوياً.
عند البحث، اتضح أنه لا وجود لأي مستند يؤكد مثل هذه الأرقام أو يوثقها بشكل علمي، ما يعني أن حكاية الـ «ست دقائق» هذه، ليست سوى خرافة، لا تستحق النظر إليها بجدية، لكن لا بد من التصدي لها. بعد ذلك، انتقل النقاش إلى منطقة: دعونا لا نتجادل في عدد الدقائق، ولنتساءل: هل يقرأ العرب فعلاً؟ فإن كانوا يقرؤون، ما نوعية ما هذه القراءات