بقلم : عائشة سلطان
لو أننا طرحنا هذا السؤال: ما الذي يؤرق معظم النساء والرجال وحتى الشباب والمراهقين في مجتمعاتنا، بحيث يشكّل موضوعاً رئيساً تدور حوله هواجسهم وأحاديثهم، والذي غالباً ما يبحثون له عن مخارج أو حلول؟ ليس المقصود هنا أي أمر له علاقة بالاحتياجات الاستهلاكية التي يتشاركها الناس في كل المجتمعات الإنسانية (الطعام، السكن، الأمن..).
كثيرون منا يتلمسون هذا الغياب الفادح للعمق الإنساني في علاقاتنا الاجتماعية، العمق الذي يجعلنا نتفهم، ونقدر ونحسّ ونعرف احتياجات ورغبات بعضنا البعض للمحبة والحوار والتفهم والتقدير.. وغير ذلك، سواء كأفراد في عائلة واحدة، أو كأزواج مضوا زمناً لا بأس به معاً، أو كجيران لا يفصل بينهم سوى بضعة أمتار وجدار وأربع خطوات ربما، أو كزملاء نصبح ونمسي في غرفة واحدة بالعمل!
إن لكل إنسانٍ، إنساناً يكمله ويسعى إليه وينتظره، وإن البقاء على حافة الحياة وحيداً يمكن أن يتحول من وحدة وألم ويأس إلى تجربة حياة مختلفة حين يكون هناك على الطرف الآخر شخص ينصت ويتفهم ويسد الفجوات والثقوب في جدار مدن أو بيوت أو أسر أو أحياء الوحدة، حينها لن تصبح الوحدة أمراً قاتلاً أو مضاداً للحياة علينا أن نخفيه وننفي وجوده ونشتكي منه، بإمكانك أن تعيش منفرداً مستقلاً، لكن دون أن تكون وحيداً!
أعتقد أن أكثر ما يقلقنا هو وقوعنا فيما يُسمى ألم الوحدة، ليس بسبب عدم وجود بشر حولنا، لكن لعدم وجود مَن يفهمنا كما يجب، كما أن الفشل في العلاقات الإنسانية والعاطفية أحد أبرز هواجس إنسان اليوم المنغلق على همومه الخاصة، إحباطات العمل، ومواقف الزملاء السلبية، العجز عن إظهار المشاعر تجاه الآخرين ببساطة وإنسانية مجردة ودون أن يتم فهمنا بشكل خاطئ أو سيئ!
إن دراسات الجمهور واحدة من الاحتياجات الضرورية التي تمكننا من تتبع ما تقودنا إليه ظاهرة النحت والتعرية لنظامنا الاجتماعي.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان