الثورات التي تجتاحنا

الثورات التي تجتاحنا!

الثورات التي تجتاحنا!

 صوت الإمارات -

الثورات التي تجتاحنا

بقلم : عائشة سلطان

‫الثورة كمصطلح سياسي، كما فسّرته القواميس المتخصصة هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحرّكه عدم الرضا عما هو موجود لدى جماهير الشعب والتطلع إلى الأفضل. وهذا ما طالبت به جماهير الشعب في مصر وتونس واليمن وليبيا ولبنان والعراق والجزائر وبشكل واضح عندما خرجت غاضبة منذ اليوم الأول.

تنطوي الثورة في طياتها على احتمالات خطيرة: كأحداث الشغب والمواجهات الدامية والفوضى والتدمير، لكنها في التاريخ الإنساني ظلت ظاهرة اجتماعية مشروعة تقوم بها فئة أو جماعة ما (قد يكونون عمالاً، أو طلاباً كما حدث في ثورة الطلاب في فرنسا عام 1968)، هدفها التغيير انطلاقاً من الدستور (الثورة لا تشترط سرعة التغيير، والثوار يتوجب عليهم أن يتمتعوا بمخزون كبير من الوعي والصبر).

لماذا الوعي؟ لأن الغوغاء لا يثورون وإنما يصنعون فوضى مدمرة بلا هدف محدد أو بأهداف ضيقة ومتضاربة، أما لماذا الصبر؟ فلأن التغيير السياسي من أكثر الأمور صعوبة، فحين يطالب الناس بالتغيير يبدو الأمر من منظورهم أخلاقياً ومشروعاً، بينما يبدو من منظور الطبقة الحاكمة تآمراً وتخريباً وتدميراً لمنظومة مصالح ضخمة ومتجذرة وممتدة إلى خارج حدود البلد الذي تجتاحه الثورة نتيجة تشابكات المصالح، لذلك تسعى السلطة لتخريب الثورة وتدميرها من داخلها، رغم أن الشباب اليوم قد تجاوزوا هذه الاعتبارات بوعيهم وإصرارهم، وتوظيفهم لتقنيات التواصل الحديثة، حيث يعلنون مطالبهم عليها ويحددون أمكنة ومواعيد تجمعاتهم، وعليها يعبئون الجماهير.

إن الغضب الذي يجتاح الشباب اليوم هو المحرك الأول الذي يدفعهم للانتفاض على واقعهم السيئ والمطالبة بواقع أفضل يستحقونه، لكن الغضب والمطالبة بالحقوق لا بد أن يظلّا دائماً ضمن إطار المطالب الجماعية، ليست ثورة تلك التي تتحول إلى مقابلات تلفزيونية ومطالب فردية ضيقة وشعارات متضاربة، إن تحوّل مشهد الثوار إلى مجرد أشخاص يستجدون خدمات حياتية يفرّغ الثورة من معناها الأخلاقي ويفقدها زخمها وجديتها ويقودها للتفتت، هذا لا يعني ألا يكون لدى الثوار مطالب، فمطالبهم محقة دائماً، لكن بشرط أن تتجاوز الخاص والفردي وتبقى في إطار الصالح الجمعي والجماهيري لتحافظ على مشروعيتها ومصداقيتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورات التي تجتاحنا الثورات التي تجتاحنا



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates