بقلم : عائشة سلطان
تذكرنا الدوحة وما تم الكشف عنه مؤخراً من ملفات تآمرية غاية في الخطورة، بذلك النهج السياسي الشاذ الذي سار عليه الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
فخلال حكمه لهذا البلد العربي لم يكن العرب يعرفون شيئاً إلا عن القذافي: مغامراته، دعمه للحركات الانفصالية في أوروبا وإفريقيا، تمويله لعمليات الإرهاب العابرة للقارات التي كان يتم دفع كلفتها من أموال الشعب الليبي، من فرص تنميته وتطوره، من مشاريع تعليمه وبناه التحتية، لكن ذلك لم يكن يعني العقيد أي شيء، فالمهم هو تلبية رغبات العظمة والتسلط ونزعة الغرور السياسي لديه، ثم كيف كانت النهاية..
ثورة عارمة أطاحت به وطاردته جحافلها من مخبأ إلى آخر حتى وهو يصرخ فيهم صرخته التي خلدتها الفضائيات: «من أنتم؟»، لم تعبأ به تلك الجحافل، فمات كأشنع ما يموت الطغاة! ثم ومن مفارقات القدر أن تتهم الدوحة بأنها أحد أضلاع المؤامرة عليه، هو الذي كان من مؤامراته اغتيال خادم الحرمين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمة الله عليه.
إن هذا التهافت على اعتناق سياسة المؤامرات والدسائس على الجار والصديق والقريب والبعيد، لا يدل على مجرد عبث بمقدرات الشعب وسرقة سنوات من عمر تنميته ونهضته، وإنما يدل على عدم نضج سياسي في التعاطي مع قصايا المنطقة وشؤون السياسة، إن الحرب إحدى أدوات السياسة حين تعجز أدوات الدبلوماسية.
لكن التآمر والدسائس والتجسس وغيرها ليست سوى إفرازات معروفة لعلاقات متوترة، وتنافسية حادة جداً، فعلى أي شيء تنافس الدوحة دول النظام العربي والعالمي، هل تنافس الدوحة على قيادة العالم مثلاً؟ هل تنافس على قيادة النظام الإقليمي في المنطقة.
هل اقتنع سياسيو الدوحة بالقواعد العسكرية لديهم، وبالتي يؤملون النفس باستضافتها من إيران وتركيا وروسيا، بأنهم نالوا بالفعل مجد القوة من أطرافه الأربعة.. إننا نرى مصير القذافي وكأنه سيتكرر مجدداً في مرمى حجر منا!
إن مقدرات الشعوب أمانة ليست لأجيال اليوم ولكن لكل الأجيال القادمة، وإن إهدارها على العبث أمر مرفوض، فما بالنا بإنفاقها على الدمار والتدمير والتآمر على الجميع، وفي الوقت الذي يتكتل العالم ويتحالف لحرب داعش ومنظمات الإرهاب والتطرف.
نرى الدوحة تمد لهم يد المساعدة والدعم والاستضافة على أرضها نكاية بجيرانها وبالعرب، لماذا؟ تصفية لحسابات شخصية وأملاً في أحلام لا يمكن أن تتحقق أبداً، فأي مكسب تقدمه قطر لشعبها؟ وأي تنمية وأية علاقات وأمن وأمان سنحظى بها طالما صممت على تنغيص أمان جيرانها وإشعال حطب الفتن في كل مكان؟