بقلم - عائشة سلطان
أولاً إليكم هذه الحكاية:
تحكي أسطورة فارسية عن حجر له خاصية سحرية خارقة، يُمكن لمن يعثر عليه أن يبوح أمامه بكل شيء، أو لنقل يعترف بما لا يمكنه أن يتفوّه به علناً حتى لنفسه: وأن يحدثه عن آلامه وأسراره، وبكل تلك الهموم والغصّات المحشورة في قلبه وحلقه، إن هذا الحجر يُصبح مثل إسفنجة تمتصّ كل ما تستمع إليه، قبل انفجاره، هذا الانفجار الذي سيحرر الشخص الذي باح له بهذه الأشياء كلّها من كل آلامه ويأسه وبؤسه!
يبدو بديهياً أن نتساءل بعد هذه الحكاية: من منا لا يود العثور على هكذا حجر؟ وبالتأكيد فهناك كثيرون قد عثروا عليه بشكل أو بآخر، وباحوا له بما كتموه في داخلهم لسنوات حتى كادوا أن يتسمموا بتلك الأسرار، لكن الأسطورة تضع أمامنا تحذيراً علينا ألا نستهين بقوته: فشرط البوح والتخفف يستلزم تضحية غير مأمونة، فالحجر سينفجر في نهاية المطاف، والانفجار غالباً ما يتسبب في الكثير من الدمار والضحايا!
إن أفضل مَن وضع الأسطورة أمامنا وحرّكها بكل أدوات السينما السحرية هو الروائي والسينمائي الفرنسي من أصل أفغاني رحيم عتيقي الذي أسقط الأسطورة الأفغانية على قصة واقعية لرجل دخل في غيبوبة طويلة نتيجة محاولة انتحار، ليحول الأسطورة والواقعة معاً إلى رواية تحكي قصة بلد (أفغانستان) قادته جيوش من المرتزقة والمنتفعين للانتحار والدخول في غيبوبة طويلة.
المرأة الأفغانية في الواقع دفعت ثمن تلك الحروب العبثية، لكنها وجدت في زوجها المصاب برصاصة في عنقه والذي يرقد في البيت بعد أن دخل في غيبوبة طويلة، حجر الصبر الذي ستبوح له بكل الأسرار طيلة الفيلم، حتى تحين لحظة الانفجار المدمرة.