بقلم : عائشة سلطان
في حياة الإنسان منفرداً، أو ضمن جماعة أحياناً، تتعقد الحياة وتصعب، فيقف الناس متحيرين أو ربما يقفون لالتقاط أنفاسهم بعد سنين من الجري الطويل، إن تعقد ظروف الحياة ليس بالأمر الغريب أو النادر، إنه يحدث لنا وللجميع، كما يحدث لأسباب نكون نحن السبب فيها أو لظروف خارجة عن إرادتنا، مثلاً: الحروب، الأزمات الاقتصادية الكبرى، كوارث الطبيعة، إحباطات العمل، حروب الزملاء، فقر العائلة، فشل علاقة حب..
يعيش الإنسان في هذه الحياة وهو يناضل ليستمر واقفاً، وليستمر بحال جيدة، لكنه لا يحظى دوماً بما يخطط له، ليس لأنه لم يبذل جهداً، لكن لأن جملة الظروف العديدة التي قادت البعض لأن يحظوا بحياة ناجحة، فيها كل أسباب السعادة والتحقق، قد توفرت للبعض ولم تتوفر للآخرين، وقد تكون فرص مغايرة قد أتيحت لهم لكنهم لم يحسنوا الاختيار أبداً.
إن أسئلة من نوع: لماذا يحدث الأمر بهذه الطريقة؟ وما دور الإنسان في ما يحدث له من شقاء وسعادة؟ هل تلعب الصدف دورها في منحنا حياة لا نستحقها بينما تمنح غيرنا أكثر مما يستحقون، أم أن الحظ والصدفة عوامل خارجة عن سياق ترتيبات الحياة وأن ما نحصل عليه هو في الحقيقة نتيجة خياراتنا البشرية وجهدنا واجتهاداتنا؟
أجد الأجيال الحديثة من الشباب أكثر ميلاً للعقلانية في خياراتهم، وأكثر تصالحاً مع تلك الاجتهادات التي تدفعهم للبحث والتمسك بخياراتهم الشخصية، كما أنهم -وبسبب امتلاكهم تقنيات المعرفة ومهارات التواصل مع الآخرين وتخلصهم من الكثير من ثقافة العزلة والعنصرية- ربما يتحولون بسهولة إلى أشخاص قادرين على رؤية أهدافهم بشكل أكثر وضوحاً، ما يعني أن شعورهم بالمسؤولية فيما يتعلق بالبحث عن حلول ومخارج لمآزقهم أكثر عملانية من الأجيال الأخرى.
صحيح أن هناك من الظروف والأيام ما لا يعرف فيها الإنسان إلى أين نتجه، ولا يملك فيها ولو إشارة واحدة تدلّه على المخرج، لكن ذلك لا يعفيه من مسؤولية البحث عن مخرج.