بقلم: عائشة سلطان
في الوقت الذي تهتز فيه ساحات مدينة طرابلس اللبنانية كل يوم، ومنذ اندلاع أحداث انتفاضة لبنان في 7 أكتوبر الماضي، على وقع هتافات أهلها، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، يطالبون بلا كلل ولا ملل بإسقاط نظامهم الطائفي، بغية تغيير الأحوال إلى ما يجعل الناس أكثر أمناً وأماناً واطمئناناً وكرامة، يظهر صوت الإمارات هناك قوياً صادحاً ومعلناً من فوق إحدى منصات مدينة طرابلس عن اسم الفائز بتحدي القراءة العربي في دورته الرابعة؛ الطالبة لبنى ناصر ابنة طرابلس التي تأهلت للتصفيات النهائية!
في كلمتها بعد إعلان فوزها بالمركز الأول على مستوى لبنان، قالت الطالبة لبنى لمراسلة التلفزيون: «أود أن أشكر حاكم دبي شكراً جزيلاً؛ لأنه أسس لهذا التحدي بين طلاب الوطن العربي، لتنمية عقول الشباب ليكونوا قادرين على إصلاح هذا الوطن»!
هكذا أنارت الإمارات الطريق، وجسَّر تحدي القراءة الهوة بين الواقع المتردي في بعض أقطارنا، وبين الأمل المنشود بالنسبة للناس، هكذا يصنع القادة الحقيقيون الفرق في حياة شعوبهم، وبهذا يمكن أن يجتاز الوطن العربي طريق آلامه، ويعبر مخاضاته الصعبة، بتثقيف الشباب، وبإنارة عقول الجماهير، وحثِّ مراكز الوعي لديهم لتظل متيقظة دائماً ومتنبهة لما يراد لها ولما يحاك ضدها، ولما هو مطلوب ومتأمل منها، ولما تستحقه من حقوق وكرامات ومستقبل!
لبنان الذي يعبر مخاض تحول عصيب هذه الأيام، متأملاً في مستقبل مختلف يتمناه ولا يكاد يبلغه، ويرنو إليه ويعلم مدى استحالته، لن يخرجه من هاوية أمراض الطائفية وتغول الأحزاب والفساد السياسي وغير ذلك، سوى الوعي، هذا الوعي الذي عبرت عنه لبنى التي قالت: «إن هذا التحدي يطور عقولنا لنتمكن من تطوير أوطاننا».
وعي لا يكون بغير تنوير العقول بالقراءة والثقافة والإطلالة على فكر مستنير، ومتخلص من آفات العنصرية الطائفية، وذاهب نحو الغد بالتسامح والأمل واحترام الآخر، أياً كان دينه ومذهبه ولونه، طالما هو أخي يشاركني الوطن، ويصرخ معي اليوم مطالباً بوطن نكون فيه متمتعين بكامل حقوق المواطنة.