بقلم : عائشة سلطان
حين سئلت الطفلة مريم الحائزة المركز الأول في برنامج تحدي القراءة العربي هذا العام 2018: كم كتاباً قرأتِ حتى الآن؟ أجابت: 300 كتاب! مريم طفلة صغيرة لم تتجاوز عامها التاسع، حين سئلت: منذ متى بدأت تقرئين؟ قالت: منذ كان عمري ثلاث سنوات ونصف سنة!
وبعيداً عن نوعية ما كانت تقرؤه مريم في ذلك العمر الصغير، وفيما إذا صحّ اعتبار ما قرأته كتباً بالمعنى الذي نعرفه نحن الكبار، فإن علينا أن ننتبه قبل أن ندلي باجتهاداتنا وشكوكنا إلى أن مريم طفلة، وأن للطفولة قراءاتها، فحتى لو كان كتيباً تحوي كل صفحة منه كلمة وصورة، فهو كتاب بالمعنى الحرفي للكلمة، طالما قاد قارئه إلى أن ينافس 300 ألف طفل من كل الوطن العربي، ويحوز المركز الأول عليهم جميعاً!
من رأى مريم الصغيرة وهي تتسلّم جائزتها من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، راعي الجائزة وصاحب فكرة تحدي القراءة، ثم استمع إليها وهي تتحدث إلى الصحافة، عَلِم أنها قد قرأت أكثر من 300 كتاب فعلاً، لتمتلك هذه اللغة المتألقة والفصيحة جداً، وهذه الجرأة والطلاقة في التحدث برويّة وفهم، والإجابة على قدر السؤال الموجّه إليها دون أن تزيد أو تنقص أو تتلعثم.
حين قال لها الصحفيون: مريم، صِفي لنا بلدك المغرب بكلمتين، أجابت: بلادي قطعة من الجنة، وهي الطفلة التي من الصعب أن تحاصرها بالتحديد وتقولب كلامها بهذه الصرامة، مع ذلك فقد أجابت وأجادت وأفحمت، ورفعت رأس بلادها من أقصاها إلى أقصاها، ما جعلني أتخيّل المغرب شامخاً كسماء، ومريم تصفه كقطعة من الجنة، وتقدّم له فوزاً مقدّراً في مضمار أضاءه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقناديل من المعرفة وملايين الكتب!
جاءت مريم من البعيد حاملةً في عقلها نور 300 كتاب قرأتها في سنيها التسع، وفي قلبها أمل الفوز كأي متسابق، وحين أُعلن اسمها بكت، وحين بكت مسح الأب الحاني محمد بن راشد دموعها بعفوية مطلقة، متيقناً بأن التحدي الذي أطلقه منذ سنوات قصيرة قد آتى ثماره، وأن رهانه على القراءة وعلى أطفال العرب لن يذهب سدى، وهكذا تكون الرؤية السديدة!
للذين يُشيحون عن القراءة، وحين نحدثهم عنها يبتسمون أو يهربون من الحديث أو يسخرون، نقول لكم: في الطفلة مريم أسوة حسنة، ولكم في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المثال الذي لا يغيب ولا ينثني عن إيمانه، حين يراهن على مستقبل هذه الأمة بالقراءة والمعرفة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان