الذين يتسولون الوقت

الذين يتسولون الوقت

الذين يتسولون الوقت

 صوت الإمارات -

الذين يتسولون الوقت

بقلم : عائشة سلطان

التعامل مع الزمن، أو ما يسميه اختصاصيو السلوكيات والإدارة (فن إدارة الوقت)، لا يخص تقسيم الوقت عملياً ضمن مهام وظيفية محددة خلال اليوم أو الأسبوع أو السنة فقط، ولا يعني كيف نحدد بالضبط الوقت اللازم لهذا البرنامج وتلك المحاضرة، ولا يعني فقط كيف ننفق أوقاتنا بشكل جميل، هذه بعض اتجاهاتنا اليومية لإدارة الوقت في الحياة العملية، لكنها ليست كل شيء.

فماذا عنا كموظفين وآباء وأمهات وأشخاص عاديين وكتاب وصحافيين... إلخ، ماذا عنا إذا تركنا مؤسساتنا وخطط وظائفنا وعدنا للمنزل؟، عدنا كأشخاص لنا علاقة ماسة وعضوية بالزمن الممتد، لا مجرد معلمين محكومين بحصص زمنية، أو مديرين تضغطنا الخطط واعتبارات المؤسسة!

لنا في نهاية اليوم، مجرد أشخاص عاديين مجردين من الاعتبارات، ومحسوبين على أنفسنا وأعمارنا وأحلامنا ومنجزنا الشخصي، أياً ما كان حجمه ونوعه وقيمته، فكيف ننظر لهذا الزمن، هذا العمر الذي يتسرب من شرايين سنواتنا بشكل خفي وبطيء، قطرة قطرة، بينما نحن نملأ الدنيا لهواً وضجيجاً، ودون أن ننتبه، وحين تفاجئنا تلك الحفرة الكبيرة التي خلفتها القطرات، وهي تنحت في أرض العمر، نقف بهلع لنستجدي بعض السنوات، تماماً كمتسول يقف على ناصية الشارع، رافعاً صوته (زمن لله يا محسنين).

هناك من يفكر في الزمن الفيزيائي (الساعات والأيام والسنين) بشكل شديد الحساسية، ولكن من منظور الشباب والجمال، ماذا ذهب وكم بقي، كيف يمكنني أن أضيف شباباً وجمالاً إلى سنيني الباقيات، كيف سأبدو أمام الآخرين، وماذا سيقول هؤلاء عني، وكيف أجعلهم يمتدحون تمتعي بشباب دائم؟، الزمن هنا بالنسبة للبعض، موضوع مادي شخصي، ضيق وفانٍ، ليس له أي مردود لاحق، بحيث ينتهي كل شيء بالموت أو الفناء، بينما بالنسبة لآخرين، فإن تسرب الزمن يصيبهم بقلق وجودي، فكيف مر الزمن ولم ينتهوا من مشروعهم أو عملهم الذي نذروا أنفسهم له؟.

لقد كان المفكر اليوناني الكبير نيكوس كازانتازاكس، يدعو ربه دائماً أن يمد في عمره عشر سنوات أخرى، ليكمل عمله الأدبي الكبير، ويقول ما كان عليه أن يقوله، كان يريد أن يأتيه الموت، فلا يأخذ منه إلا كيساً من العظام!! لقد اعتاد أن يقول لزوجته (أحس أنني سأفعل ذلك، سأذهب إلى ناصية الشارع وأمد يدي للتسول من العابرين (زكاة يا إخوان، ربع ساعة من كل منكم، بعض الوقت فقط لإنهاء عملي، وبعدها فليأتِ الموت)! كلما فكرت في فكرة أن هناك من فكر أن يتسول الوقت لينهي عمله أو مشروعه الفكري، أوقن حقيقة الوقت، كمعامل خطير في معادلة الحضارة والتطور، وهذا ما نغفله بشكل فائق!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذين يتسولون الوقت الذين يتسولون الوقت



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates