بقلم : عائشة سلطان
الإقبال الذي تدفق به الكويتيون إلى المقار الانتخابية لاختيار ممثليهم لمجلس الأمة الأخير، دليل على تصميم شعبي في الكويت على التصدي لحالة تهاوي التجربة الديمقراطية، وتردي مستويات الأداء العام الحكومي والخاص وانعكاسات ذلك على حياة الإنسان الكويتي ومستوى الخدمات وبنية المشاريع التنموية.
فرغم برودة الطقس ورغم الإحباطات التي رافقت مسيرة المجلس في العقود الأخيرة، وتحوله إلى مجلس صراعات وتصادمات بين السلطة ومن يفترض بهم أن يكونوا ممثلي الشعب والوطن، فإن الكويتيين أصروا على المشاركة الفاعلة، بما يعني يقيناً شعبياً بأن السلبية لن تقودهم إلا للأسوأ، وأن الإيجابية وحدها السبيل نحو التغيير، حتى لا يستمر انحدار وتقهقر المجلس، هذا المجلس الذي شكل رهاناً كويتياً وعربياً ذات يوم، فإذا به يهبط بسقف التوقعات إلى مستويات لم تخطر ببال أكثر الناس تشاؤماً من التجربة الديمقراطية عموماً!
الصراع بين السلطتين وصراع المصالح، وقوة التجاذبات بين السلطة الحاكمة وحسابات بعض النواب والأحزاب، قادت إلى أن يتحول المجلس إلى أداة تعطيل للديناميكية الديمقراطية في الكويت التي ارتفعت وازدهت بهذا المجلس ذات يوم، باعتبار أن تجربة الكويت الديمقراطية منذ أوائل ستينيات القرن الماضي، كانت طليعة التوجه الديمقراطي في منطقة الخليج بشكل عام.
لقد شكلت ديمقراطية الكويت ونهضتها وانتعاشها الإداري والعلمي أملاً كبيراً لشباب تلك المرحلة، وجعلت من الكويت قاعدة تنوير حقيقية جنى الكثير من العرب من فوائدها على مستويات شتى، فإذا بالصدامات والصراعات والمصالح وضيق أفق البعض يُحول المجلس والحالة الديمقراطية إلى حالة راكدة لا يسمع فيها إلا صوت الصراعات بدل دوران عجلات النمو والتنمية والبناء الذي كانت الكويت قائدته ومنارته الساطعة منذ سنوات بعيدة.
لقد دفعت الأوضاع المعقدة للمنطقة العربية، واقتراب التجربة الديمقراطية من منطقة الجمود الكامل والسلبي، وتردي مستوى الأداء والخدمات وبداية تصدعات لا تحتملها الكويت ولا المنطقة، والبحث عن مخرج وعن نقطة نور في نفق الديمقراطية، دفع ذلك كله الكويتيين للمشاركة في اختيار مجلس جديد مختلف بشكل كبير يعلقون ونعلق معهم آمالاً كبيرة للخروج من عنق الزجاجة وإعادة الكويت لألقها ودورها الرائد.