بقلم : عائشة سلطان
عونك، كلمة لطيفة، دمثة، حميمية الوقع على الأذن والقلب، تطلب من أحدهم شيئاً وربما لا تطلب، لكنه يلبيك بشهامة لن تنساها يومياً، عونك، أنا في عونك، أو سأعينك حتماً، تستطيع أن تقرأ الكلمة وتؤلف فيها صفحات وقصائد، لكن الأمر يتجاوز المبنى إلى المعنى، يتجاوز تركيب الكلمة لغوياً إلى تطبيقاتها وآثارها وامتداداتها والرسالة التي تحققها: الكلمة التي تعبر عن سياسة وفكر ونهج قامت عليه دولة الإمارات منذ نشأتها: قلب يتسع للجميع، عقل يتقبل الكل، ويد بيضاء تمتد لكل جهات الأرض بالخير والمحبة.
حين تبكي امرأة تحت وطأة الحاجة، وحين يعض رجل على قهره لأن عياله يتضورون جوعاً وهو عاجز عن فعل شيء، حين تضيق الأرض بما رحبت، حين يغلق الأفق الواسع أمام فقراء الأرض، محتاجيها، أصحاب الحاجات البسيطة، كسرة خبز، شربة ماء بارد، ثوب يستر.
وقليل من الماء يكفي، لمصاريف صغار يحق لهم الذهاب للمدرسة وتلقي العلاج إذا مرضوا، وإن كان الدهر كريماً فلا بأس بسقف جيد يقي غوائل الطبيعة وقسوة الأيام، هنا يسمع صوت صادق ينطلق من أرض الإمارات إلى حيث يتواجد أصحاب الحاجات في كل الدنيا.. عونك، عونكم.
نعم تعج الشاشات ببرامج لا تغني ولا تسمن من جوع، ولكن يحدث أن يتابع الجمهور برنامجاً أو اثنين أو أكثر تعادل كل ما يعرض من غثاء، وعلينا كما نشير إلى السيئ أن نشد على أيدي الذين يقدمون إعلاماً نظيفاً، هادفاً، ذا محتوى، ورسائل تلامس إنسانيتنا وتقدمنا بشكل نعتز به، «فأما الزبد فيذهب جفاءوأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» برنامج «عونك» من هذه البرامج التي تقدم رسالة حقيقية.
وصورة عظيمة لطبيعة المشروع الإنساني الخيري الذي تنتهجه الإمارات كسياسة إنسانية ثابتة في كل تاريخها، هذا البرنامج الذي يقدمه الرائع أحمد اليماحي على شاشة تلفزيون أبوظبي خلال رمضان، جاء ثمرة تعاون بين التلفزيون وهيئة الهلال الأحمر، كما جاء إعداده وتقديمه وإخراجه في غاية الحرفية فحقق تأثيراً كبيراً في نفوس المشاهدين وفق عمل إعلامي محترف جداً !.
في أكثر من حلقة، في مصر والعراق والبوسنة وغيرها، كانت يوميات الفقر التي نقلها لنا «عونك» بقدر قسوتها إلا أنها نقلت لنا باختصار أن هؤلاء الفقراء حين نغير حياتهم بإضافات صغيرة تنقذهم مما هم فيه، فإنما نحن من تتغير حياته، نحن من يجب أن يفرح ويشعر بالامتنان، فهؤلاء يعطوننا قبل أن نعطيهم، ويضيفون لنا أكثر مما نضيف لهم، نقف في وجه الوحش، ننتشل شباباً وأسراً من براثن التسول والانحراف، وننتشل إنسانيتنا من هاوية الانكسار.