بقلم : عائشة سلطان
هذا الوطن يكتب تاريخه بكلمات من فخر ومواقف من عز ورجولة، يكتبه شباب في بواكير العمر وأول الطريق، لكنك إذا سمعتهم وقرأت آخر وصاياهم فستمضي متعجباً ولكن مطمئناً، هذا غرس زايد ونبت الإمارات، شباب يتسابقون لمجد الشهادة والدفاع عن الحق وكأنهم يركضون مرتدين أحذية من ريح باتجاه أفراحهم أو أعراسهم أو مواعيد لهوهم، هذا غرسك يا زايد، ما ضاع وما ذبل وما أكلته العاصفة، هذه وصاياك لم تذرُها الرياح في الفلوات والصحاري، لقد حفظها الإماراتيون، تواصوا بها وتوارثوها جيلاً إثر جيل، وما دام هؤلاء شبابنا فنم قرير العين يا زايد، ونم مطمئناً أيها الوطن.
الشباب الذين فجعنا باستشهادهم منذ عامين إثر مؤامرة غدر وخيانة، لبس مرتكبوها عارها وعار التاريخ إلى الأبد، لم تذهب دماؤهم هدراً، لبسوا المجد دثاراً والشهادة أجراً، ومضوا في قافلة الشهداء العظيمة، لم يضرهم الغدر ولم تنل من عزيمة إخوتهم المؤامرة، وصعوبات المهمة، فالأوطان لا تحفظ بسهولة، ولا يكتب مجدها المستريحون على أرصفة الأحلام، لقد تسلم إخوتهم الراية، مواطنون عاديون وأمراء من الأسرة الحاكمة لا فرق بينهم ولا مفاضلة، فتاج العز لبسوه جميعهم وبهم ازدان، وبهم نحن نفاخر ونرفع رؤوسنا دائماً وأبداً!
الشهداء الذين قضوا في الحادث الأخير زفتهم أمهاتهم عرساناً في مواكب الشهادة، عضت الأمهات على جراحهن، وعض الآباء على آلامهم وقالوا جميعاً: لبيك يا وطن، تماماً كما قال الشهداء في آخر كلماتهم التي دونوها في صفحاتهم على مواقع التواصل، أولئك أبناء الشهادة، يشعرون بها ويحلمون ربما، ولذلك تأتي كلماتهم كنور ساطع، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون !
لم يذهب شباب الإمارات إلا ليقفوا بجانب الحق، ولنصرة الإخوة والجار والشقيق، ليمنعوا بلحمهم رصاص الغدر والخيانة عن أهلهم وليتلقوا بصدورهم نيران الأعداء والخونة والمتآمرين والراغبين في حرق الأوطان لصالح أجندات حاقدة، شباب الإمارات رجال حقيقيون، تنظر في وجوههم فتراهم كأنهم قد توضأوا بالنور وذهبوا طلباً للموت ليهبوا أوطانهم وأمهاتهم سعيهم بالفخر والأمان والسلام والكرامة، لم يخذلوا من استنجد بهم، ولم يتراجعوا أو يفروا أو يتباكوا، لم يقولوا أجبرنا وما أردنا كما قال غيرهم، فذاك قول الجبناء، وأبناء زايد رجال اقتدوا بزايد وإخوته، ما عرفوا الغدر وما راهنوا على العدو وما دعموا الإرهاب وخونة الأوطان.
شبابنا.. من غادرونا منهم احتسبناهم شهداء عند ربهم يرزقون، ومن جرحوا أو أصيبوا ففي الله إصابتهم وفي سبيل الحق جراحهم، وسيكتب الله لهم الشفاء ليعودوا فيزلزلوا الأرض تحت أقدام المتآمرين.