آمنة الممتلئة بالحكايات

آمنة.. الممتلئة بالحكايات!

آمنة.. الممتلئة بالحكايات!

 صوت الإمارات -

آمنة الممتلئة بالحكايات

بقلم : عائشة سلطان

أن تخرج من مطبخ منزلك، تحمل كوب قهوتك مترنماً بـ«اسهار بعد اسهار» للسيدة فيروز، بينما يجلجل صوت مذيع البث المباشر في قناة «فرانس 24» لاهثاً في صقيع باريس الملتهب هذه الأيام، ناقلاً آخر أحداث احتجاجات ذوي السترات الصفراء في جادة الشانزلزيه وساحة الكونكررد ومناطق متفرقة ضواحي باريس، هذا كله يعني أنك تتحرك في فضاء منزلك متابعاً بهدوء، كأي مواطن صالح، ما يحصل في عالمك وزمانك من أحوال وأهوال، في زمان يقتصر دورك وأدوار غيرك فيه على الفرجة لا أكثر.

فاستمرَّ في الفرجة لا حُرمت نعيمها، ولكن حذارِ أن تصدّق كل شيء حتى لا تصدمك أخبار ستهل ذات يوم حول أن رواية السترات الصفراء لم تكن سوى مؤامرة خسيسة لأجهزة استخبارات معادية لحضارة التنوير والفن في عاصمة النور باريس!

لحظة! خذ نفساً عميقاً، اهدأ، وضع كوب القهوة الأميركية جانباً، واخفض صوت المذيع ذي اللكنة التونسية في قناة «فرانس 24»، هناك ضيفة تجلس بانتظارك، هذا ما تبلغك به الفتاة العاملة لديك، دون أن تتمكن هي من التعرف إلى السيدة، تذهب سريعاً لملاقاتها، ترتدي ابتسامتك وتهذيبك، تتأكد من أن مظهرك المنزلي على ما يرام.

وتقف أمام السيدة ملقياً السلام بصوت وأدب واضحين، تردّ هي التحية بلا مبالاة متعمدة معتقدة أنني العاملة (بسبب ملابسي بلا شك) تتعرف إليّ، فينتابها الحرج وتعتذر، أطمئنها بأن الأمر لا يستدعي الاعتذار، وسريعاً أشعر بالألفة تجاهها فأجلس لصقها تماماً، تهبّ علي رائحة جدتي، رحمها الله، فاسألها: عذراً، من السيدة؟

تضحك بمودة وطيبة، وتسمي عائلة زوجها، فيرنّ الاسم في ذاكرتي كأصوات أساور قديمة أو قواقع بحر لم تغادرها رائحة الأمواج، أبتسم وأقع في الحيرة، أعرف اسمها مباشرة، هذا الاسم الذي تركته في بيت قديم أيام طفولتي عندما غادرنا حيّنا الأول، «فريج عيال ناصر»، ويحضر كل العمر كملعب شاسع باتساع لا نهاية له بيني وبينها، هذه المرأة التي تحضر من أربعين عاماً مضت، تأتيني على غير موعد وغير توقع من خلف الأيام، وكأنها أحد شخوص رواية تاريخية!

زيارة كهذه لا تحدث معنا دائماً، إنها كحدث يشبه ما نراه في برامج «حدث في مثل هذا اليوم»، آمنة، أيتها البسيطة كجدتي، والممتلئة بالحكايات والأسماء والمنازل القديمة، لقد صنعتِ يومي بحكاياتك وطيبتك، وبكمية النميمة «البريئة» التي مارستها على أشخاص لا أدري ماذا صنع الزمان بهم!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آمنة الممتلئة بالحكايات آمنة الممتلئة بالحكايات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates