بقلم : عائشة سلطان
تابعت حواراً بين عدد من الشباب حول إزالة بعض المعالم القديمة التي مضى عليها سنوات طويلة في بعض مدن الدولة لأغراض التجديد والتطوير، كبعض المنازل القديمة، أو المعالم الرمزية في بعض الطرقات أو الأماكن العامة أو «دوارات» الشوارع الكبيرة، أو مداخل بعض الإمارات، فقد تحتاج بعض المناطق إلى إجراء تغييرات ضرورية فيما يتعلق بتجميل أو تطوير المدينة، أو توسعة بنية الطرق وتغيير اتجاهاتها، أو تحويل الدوارات إلى تقاطعات وهكذا، حيث هناك حاجة ماسة للتغيير في مدننا التي تتغير بشكل دائم، بفعل احتياجات النمو والتنمية والتطوير.
ترى الجهات المختصة بأمور التطوير أن إزالة القديم وإحلال الجديد أمر لا بد منه، لكن أهالي المدينة لديهم رأي مختلف فيما يخص إزالة أي جزء من مدينتهم التي اعتادوا على كل تفاصيلها.
حيث يصابون بردة فعل أشبه بالحزن أو الحنين لتلك المعالم، مع العلم أن بقاء تفاصيل أي مدينة أو منطقة كما هي، أو كما رأيناها مذ كنا أطفالاً أمر يبدو مستحيلاً حتى في تلك المدن العريقة التي استكملت تطورها واستقرت منذ زمن، ذلك أن التغيير هو القانون الثابت الذي لا يمكن مقاومته أو الوقوف في وجهه، فحيثما كان البشر وحيثما وجدت حركتهم وتكاثرهم ورغبتهم في التطور فإن التغيير يظل صاحب الكلمة الأقوى!
إن كل بناء، أو معلم أثري أو سياحي أو حتى تجميلي، وكل حديقة أو مدرسة قديمة أو غير ذلك من تفاصيل أي مدينة، يشكل ثروة حقيقية لهذه المدينة، يفترض الحفاظ عليه بأي شكل، وإزالته شبيه بقطع أو اجتثاث جزء من تاريخها، كما أن هذه المعالم تشكل ذاكرة بصرية ووجدانية لأعداد كبيرة من الذين عاصروا وجود هذه المعالم لأجيال متعاقبة، لذلك فإن الحفاظ على سلامة هذه المعالم القديمة ونقلها لأماكن أخرى كالمناطق والقرى البعيدة ربما يبدو حلاً جيداً وبديلاً للهدم والإزالة الكاملة!
إننا في الإمارات كما في كل دول العالم نرمّم أبنيتنا القديمة، وننشئ مدناً تراثية تضم كل ما عرفته المدن سابقاً كالمنازل والشوارع والأسواق والحرف والصناعات والحوانيت وغيرها، كتوجّه عالمي للحفاظ على الآثار والمعالم القديمة، ولاجتذاب السياح وإضفاء حالة إنسانية على مدن الحداثة التي ملّ الإنسان مظاهر القسوة فيها!