وسيكبرون كما كبرنا

وسيكبرون كما كبرنا!

وسيكبرون كما كبرنا!

 صوت الإمارات -

وسيكبرون كما كبرنا

بقلم : عائشة سلطان

تميل علي إحدى نساء العائلة وأنا أتابع حركات الصغيرات وأبتسم متذكرة أنهن كن منذ فترة قصيرة بالكاد يتعثرن في خطواتهن الأولى ولا يستطعن نطق أبسط الكلمات، تلك السيدة كانت أماً لثلاثة أطفال، قالت لي بتعجب يشبه الغضب «هؤلاء الصغار لا يتوقفون عن سؤال متى نكبر؟ وها هم يكبرون سريعاً فنكبر معهم في غفلة منا!»، قلت لها: «وحين سيكبرون سيبعثرون أيامهم في الجري وراء الخواء معظم الوقت، لن يستمتعوا بهذا العمر الذي يحلمون به، ولن يتحرروا من عقدة القطيع وتقليدنا والوقوع في غرام التفاهات التي ستكون في نظرهم كل الدنيا، سيحرصون عليها مهما حصل، سيتصارعون ويعاندون ويضيعون في الزحام وفي وجوه الآخرين و...».

سيدرسون ويتعلمون ويتخرجون وسرعان ما سيجدون أنفسهم وقد امتلكوا الشهادات والدورات واللغات و... الخ، وسيبحثون عن عمل، وسيركضون خلف الراتب الأعلى ليتمكنوا من شراء الساعة الأغلى والسيارة الأحلى، وستمضي الأيام بسرعة البرق، وفي لحظة ستهتز كل الأفكار والقناعات، فالحياة لن تبقى بالدفء الذي تعودوه في بيوتهم وأسرهم، إن الحياة والناس والخارج لا يفعلون شيئاً سوى مجاهرتك بالقسوة وهز القناعات والمسلمات الإنسانية التي تربيت عليها!

لقد مضت بنا الحياة قبلهم فكبرنا وخرجنا وجاهرنا الحياة بحريتنا وأحلامنا، صادقنا وأحببنا واكتشفنا وسافرنا، خدعنا وصدمنا وفرحنا، فشلنا ونجحنا مئات المرات، لكننا لم نتعظ، إننا جميعاً نظل في نهار العمر البهي تواقين لركوب كل السفن ولخوض غمار معظم البحار، هذه هي غواية العمر أو فتنة الحياة في حكمتها ومحنتها الأزلية!

‎قرأنا نزار قباني في مراهقتنا فآمنّا بنظرية العشق، وحفظنا أشعار محمود درويش فحولتنا ثواراً بلا بنادق ولا تجارب، أحببنا تشي جيفارا وعلقنا صورته في غرف نومنا، وخبأنا روايات نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس تحت الوسائد، وحين واجهتنا الحياة بقسوتها كبرنا قبل الأوان ورددنا الحكم والأمثال كعجائز..

‎اليوم نحن نضحك من كل ما مر بنا ونسأل: لماذا كبرنا؟ وكأننا لم نتمنَ يوماً أن نكبر، لقد امتلأت قلوبنا حتى فاضت بالأمكنة والأصوات والمسافات والأسفار، أصبح الأصدقاء هم الحكاية الأهم، صار الفرح مع أصدقاء بعينهم هدفاً مختلفاً، اليوم يتذكر أولئك الصغار الذين كنا هم، أنهم كبروا وأنهم ندموا على أنهم لم يبقوا صغاراً، ولم يبقَ كل الناس في نظرهم طيبين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وسيكبرون كما كبرنا وسيكبرون كما كبرنا



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates