وماذا بعد أن تغيرنا

وماذا بعد أن تغيرنا؟

وماذا بعد أن تغيرنا؟

 صوت الإمارات -

وماذا بعد أن تغيرنا

بقلم : عائشة سلطان

حين يتاح لك أن تجلس بهدوء كامل مسترجعاً ذلك الشاب الذي كنته قبل عشرين أو ثلاثين عاماً، ماذا ترى؟ وكيف تشعر؟ ثم كيف تنظر إلى هذا الكيان الذي أصبحت عليه، هذا الإنسان الذي يجلس معك ويصحبك في كل لحظة، واثقاً وممتلئاً بالخبرة والتجارب والمعرفة، بالآلام وبالكثير من الذكريات، هذا الشخص الأكثر هدوءاً ويقيناً ورضاً، وأقل نزقاً وغضباً وتسرعاً؟

أنت تتغير عبر الأيام، أو لنقل إنك تغيرت فعلاً، إن ذلك لا يدعو للغضب أو الخجل، فأنت لم تستبدل قناعاتك ولم تغير مواقفك على طريقة المقايضات أو المساومات من أجل مصالح أكثر، أنت تغيرت لأنك فهمت أكثر، وعرفت أكثر، وراكمت خبرات وتجارب أعمق، نضجت أفكارك وقدرتك على الفهم وسبر الأغوار، فاتسعت رؤيتك للحياة وللناس ولنفسك، لم تعد موزعاً على عشرات الساحات والجبهات، لم تعد منتمياً للكثير من العلاقات والأصدقاء ونوادي الثرثرة، أصبح أصدقاؤك أقل لكنهم أبقى، ورغباتك واضحة، وما عدت تائهاً بين ما لا يحصى من الأحلام، نضجت فاتسعت رؤيتك، وحين تتسع الرؤية كما قال النفري تضيق العبارة!

سألني قارئ ذات يوم، أنتِ لا تكتبين كما السابق بذاك الاندفاع والحماس اللذين كانا، تذكرت كاتب الأوروغواي الشهير كارلوس ليسكانو حين قال يوماً (ثمة صعوبة في أن أكتب - أكثر مما كان عليه الأمر قبل عشرين عاماً - بلا اندفاع أو رغبة ودون البراءة التي كنت أكتب بها فيما مضى أو دون الإيمان والعنف اللذين كانا يحركانني سابقاً).

قلت للقارئ أنت كما ترى أنني لست الشخص ذاته الذي كنته قبل خمسة عشر عاماً، لقد تدفقت مياه كثيرة تحت جسور الأيام، وتغير كل شيء، نحن كبشر نتغير كما تتغير الحياة حولنا.

‎أتذكر اليوم وأنا أعبر مسارب الذاكرة، وأسير بتعب القلب في مسارات الذي كان منذ سنوات، كم من البلاد زرت منذ بدأت أكتب، كم من البشر عرفت وقابلت؟ كم مرة حزمت حقائبي، وكم مرة فككتها، عدد المطارات التي عبرتها، والفنادق ومحطات القطارات التي مررت بها حاملة دهشة اللقاء الأول، وشعور المتعة بمعرفة أمكنة ما كانت تخطر على البال، عدد سائقي سيارات الأجرة الذين أقلّوني إلى فنادق نسيت أسماءها، وشوارع ما عدت أتذكر عناوينها، عدد الساحات والأسواق التي مشيت فيها، والمكتبات التي زرتها والكتب التي اقتنيتها وقرأتها، والبحار والأنهار والسفن التي ركبتها، والجبال التي وصلت إلى أعلاها بصحبة أعزة لا زالوا في البال، وتلك المقاهي التي قدمت لي ألذّ مشروباتها في بلاد بلا عدد، وتلك الأكشاك التي توقفت عندها والتذكارات التي اقتنيتها، بعد كل ذلك أيعقل أن نظل كما نحن، ألن تضيق بعد كل هذا عباراتنا واندفاعاتنا لتتسع رؤانا ونظرتنا؟ تلك هي الحياة كما نعيشها جميعاً!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا بعد أن تغيرنا وماذا بعد أن تغيرنا



GMT 20:33 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

ثنائيات الفرجة والحياة

GMT 21:34 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

ليس سهلاً أن تخلق قارئاً

GMT 20:30 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

المرأة.. ليست شيئاً!

GMT 20:36 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

اللغز

GMT 18:57 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

إيقاف «الملك»!

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates