بقلم : عائشة سلطان
سأظل مدينة لعزلة «كورونا» التي منحتني تحقيق الكثير من الأمور التي ما كانت لتحدث لولا هذه العزلة التي فرضت علينا. وليس لديّ أدنى شك في أن جميعكم سيخرج من عزلة «كورونا» ببعض التذكارات التي ستبقى عالقة في داخله زمناً طويلاً، وربما لا يقلب «كورونا» العالم رأساً على عقب، كما يقول أنصار نظرية المؤامرة، لكنه حتماً حفر علامات فينا، ومنحنا تحقيق بعض الذي أجلناه طويلاً.
عندما كنت تلميذة في المرحلة الإعدادية اشتريت رواية كتب على غلافها اسم «ديستويفسكي» الكاتب الروسي الأشهر، وفي منتصف الغلاف اسم الرواية «الإخوة كرامازوف»، ولقد سهرت عليها ليالي طويلة حتى أنهيتها، وكنت لا أفهم الكثير من أحداثها، لكنني كنت دائمة التباهي بأنني قرأت أحد أعظم نتاجات الأدب العالمي، وبعد سنوات طويلة وحصيلة كبيرة من القراءات، عرفت أنني كنت في الجزء الثاني من الرواية فقط! وفي أيام الحجر هذه استطعت اقتناء الرواية كاملة، والبدء في قراءتها، وإن بعد مضي عمر طويل جداً!
منذ فترة وبعد الانتهاء من رواية «عداء الطائرة الورقية» اقتنيت معظم أعمال الكاتب الأمريكي من أصل أفغاني خالد حسيني، إلا أنني فقدت حماسة مواصلة قراءتها، لكن لأن الوقت متوفر بكثرة هذه الأيام، فقد قرأت له «ألف شمس ساطعة»، والحق أن من لم يقرأ هذه الرواية فقد فاته الكثير من متعة القراءة، والمعرفة، والإيمان بقدرة الأدب والأدباء الحقيقيين على التأثير والتغيير.
لقد بيعت ملايين النسخ من هذه الرواية حول العالم، وترجمت إلى معظم اللغات، وتأسست بعد نشرها بفترة مؤسسة خالد حسيني الخيرية التي تعنى بتقديم المعونات لمئات الأسر من اللاجئين الأفغان، وتمويل المشاريع الصغيرة لصالح الأطفال والنساء تحديداً، وهما الفئتان اللتان شكلتا معاناة الرواية وقضيتها الأساسية.