بقلم _ عائشة سلطان
صار من المهم بالنسبة إلى كثيرين أن يراجعوا آليات «الدفاع المضلل» الذي يتبعونه في مقاومة خطاب التسامح والانفتاح في مجتمع الإمارات، بعد أن قررت القيادة السياسية في الدولة ألّا تمنح أي فرصة لتيارات الغلو والتشدد كي تصول وتجول كما كانت تفعل سنوات الثمانينيات وما بعدها، بعد أن اتضح جلياً خطورة توجهاتها في كل المجالات، وتحديداً تأثيراتها في عقول وتوجهات الشباب!
لذلك، فإن تغليظ العقوبات فيما يخص التجاوزات والجرائم الإلكترونية أمر في غاية الأهمية، وهو ما أدى، كما نلاحظ، إلى «تخفيف» خطاب الكراهية وتراجعه عما كان عليه في السنوات الماضية، ذلك أن الإنسان الذي لا يردعه دينه الذي يدعي الدفاع عنه عن أن يشتم الآخر ويحقِّره ويقصيَه ويتعالى عليه، ليس له سوى القانون رادعاً ومانعاً، يمنعه وبالتالي يحمي أمن واستقرار المجتمع، وحقوق الآخرين وحرياتهم، ما يقود حتماً إلى نشر ثقافة قبول التعددية والاختلاف باعتبارها واقعاً طبيعياً، ودلالة أكيدة على تطور المجتمع ومرونته وتطور قوانينه.
لقد بذلت الإمارات جهودها وما زالت لترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر، وصولاً إلى «تجفيف» وليس مجرد «تخفيف» خطاب الكراهية والتمييز على أرض الواقع كما في الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل، بحيث لم يعد مسموحاً ولا مقبولاً في ظل عام التسامح، وقانون مكافحة التمييز والكراهية، وقانون الجرائم الإلكترونية الصارم، والبرنامج الوطني للتسامح، ومؤسسات ومراكز مراجعة الخطاب الديني المتشدد وغيره، لم يعد مقبولاً وجود هذه السلوكيات المنفِّرة التي تُكفِّر وتُخوِّن وتتهم وتسخر من كل فكر مختلف، وتتهم أصحابه بما ليس صحيحاً أبداً!
إن القراءة الخاطئة للتغريدات التي يُدوِّنها النشطاء الذين باتوا يعبّرون عن أفكارهم وقناعاتهم مغتنمين مناخ الانفتاح الذي يسود بعض مجتمعات الخليج كالإمارات والسعودية، هو ما يقود إلى هذا الخطاب الساذج والخطير معاً، وهو مأزق مرت به مجتمعات كثيرة قبلنا وبمئات السنين، وعلينا أن نتصدى له حفاظاً على منجزنا وتلاحمنا الوطني بوعي ويقظة، فإن لم يكفِ الوعي فإن الحضور القوي للقانون أمر لا بد منه.