بقلم _ عائشة سلطان
الاعتذار عن الخطأ يكفي تماماً حين يصطدم بك أحدهم في مناطق الزحام، أو يدوس على إصبع رجلك الأصغر، ألم بسيط وحادث عرضي تقبله مضطراً، لكن أن يأتي خطاب الاعتذار عن مرحلة بأكملها، بسنينها وتقلباتها وقتلاها ودمارها تسبب فيها فكر محدد ورموز بعينها فتلك مسألة فيها نظر، على رغم أهمية الاعتذار بطبيعة الحال.
إن خطاب الاعتذار هذا، لا يقل أهمية بموازاة خطاب التصدي للتطرف عبر مشاريع ضخمة على مستوى الفكر والقانون والواقع الحياتي اليومي، فكلاهما يعززان مبدأ مجابهة التطرف والغلو، ويفضحان مشاريع الفتنة والتفرقة واستلاب العقول.. نعم الاعتذار وحده لا يكفي إذا توقف الأمر عنده، ولم تذهب الدول والأفراد خطوات إلى الأمام بعده، لكن الاعتذار بحد ذاته مهم: هل نعي خطورة أن يقف أحد أقطاب دعاة التشدد أمام الملايين ليقول: لقد تجاوزنا على الدين السمح بما كنا ندعو له؟ لقد بالغنا؟ ذلك ليس بالأمر الذي سيمر مرور الكرام.
إن الدكتور عائض القرني عندما يظهر في برنامج تلفزيوني مع مذيع شاب لم يكن يسأله بقدر ما كان يحاكم تياراً بأكمله، بل وفي بعض المفاصل كان يوجه له طلب الاعتراف الصريح بالخطأ، إن هذا وأمام ملايين المستلبين أمام خطاب عائض القرني المعروف، يشكل ضربة في صميم البناء، فتكون كمن زرعت قنبلة في قلب جبل كان عصياً على الهدم أو التفتيت، إنه معول خطير في هدم بنية التطرف والتشدد، ذلك أن مشكلتنا في العالم الإسلامي والعربي كما قال مالك بن نبي والغذامي والجابري هي مشكلة أفكار، إن مشكلتنا ثقافية، إذا لم يتم تفكيك الذهن المتطرف وتبيان تهافته وضعفه فلن يقتنع الناس أبداً.
يبقى أن تشتغل أجهزة المجتمع بتضافر كامل كي يتعزز الاتجاه المضاد لهذا الخطاب، فتحل الفكرة المتسامحة محل التطرف بطريقة الخطوة خطوة من دون ضغط أو إكراه.
فلنستبدل ولنعمل على طرح فكر بديل بذات القوة والانتشار في المدارس، المناهج، الإعلانات، وكافة خطوط الخطاب الثقافي العام.