عائشة سلطان
صالح علماني شيخ المترجمين، صحيح أنه ينقل عن الأدب اللاتيني (الإسباني تحديداً إلى العربية)، لكنه ترجم لعمالقة هذا الأدب، هو الذي لفت انتباه أحد النقاد عندما بدأ ينشر بدايات ترجمته لفصول من رواية جارسيا ماركيز «مائة عام من العزلة»، فكتب عنه ذلك الناقد يقول: « هناك شاب فلسطيني يترجم لقراء العربية أدباً مجهولاً»، منذ ذلك الوقت قرر علماني أن يترك كل شيء، ويتفرغ للترجمة مع أنه كان قد بدأ في كتابة رواية خاصة به، لكنها لم تر النور، لأن علماني مزقها مقتنعاً بمبدأ «أن تكون مترجماً مهماً أفضل من أن تكون روائياً سيئاً».
صالح علماني الذي جلست إليه مطولاً صباح أمس في أحد جنبات معرض أبوظبي للكتاب، مترجم عربي كان يقيم في سوريا حتى انقلبت أوضاعها رأساً على عقب، فغادرها ليقيم في إسبانيا، يترجم عن الإسبانية، درس الأدب الإسباني، وأمضى أكثر من ربع قرن في خدمة الأدب اللاتيني، ليُعرّف القرّاء العرب على هذا الأدب الغزير والفذ.
ولصالح علماني يعود الفضل في تعريفنا على عالم ماركيز، فقد ترجم كل أعمال الروائي العالمي ما عدا روايته خريف البطريرك، إضافة إلى ماركيز فقد ترجم لـ (يوسا) وإيزابيل الليندي، ولوركا، وساراماغو، وغيرهم، حتى زادت ترجماته على مئة كتاب، هي محصلة جهوده الدؤوبة خلال أكثر من ثلاثين عاماً في ترجمة أدب أميركا اللاتينية، والأدب الإسباني عموماً.
«اسمح لي بداية أن أتقدم إليك بالشكر والتقدير لأنك عرفتني على أدب ايزابيل الليندي، وجارسيا ماركيز»، هكذا افتتحت الحديث مع المترجم العربي الأشهر صالح علماني، ولقد بدا بسيطاً ودمثاً جداً ومنفتحاً، لم أتردد في أن أطلب منه ترجمة ما من الإسبانية، قلت له إذا حصلت منك على ترجمة أنشرها سأعتبر ذلك إنجازاً شخصياً أضيفه لسجلي الشخصي، وإن كانت لماركيز فسيكون الأمر أشبه بمعجزة، كان يبتسم بكياسة لكنه وعدني بشكل حقيقي، وقال وهو يخرج من عندي سأرسل لك مشروعاً ما قريباً، أخذ بريدي الإلكتروني وكتب لي رقم هاتفه وبريده الإلكتروني كذلك.
من أطرف ما قاله لي حول ايزابيل الليندي إنهم في أميركا اللاتينية مازالوا لا يعترفون بها بل وينظرون إليها كصانعة أدب وليست أديبة حقيقية من جيل العمالقة، بلادها الأصلية تشيلي اعترفت بها مؤخراً ومنحتها جائزة أدبية رفيعة، كما منحتها شهادة الدكتوراه الفخرية من إحدى أرفع الجامعات لتكون المرأة الأولى التي تحصل على هذه الشهادة!