عائشة سلطان
اللقاءات الفكرية، الجلسات، الندوات، حفلات التوقيع، الشهادات التي تتحدث عن التجارب الإبداعية المختلفة، مبدعو الكتب، أصحاب مشاريع النشر والتوزيع، والعاملون في بلاط صاحبة العظمة : الكتاب ... كل ذلك تجده تحت سقف الكفاية، تحت سقف الثقافة، تحت سقف معارض الكتب، ذلك كله يستقبلك وأنت تدخل من أولى بوابات معرض أبوظبي للكتاب، حيث تعلن الشاشات الإلكترونية عن برنامج المعرض، كما تعلن الكتيبات وإعلانات الصحف والتلفزيونات عن كل ذلك، وليكون خبر المعرض بين أيدي الجميع، ولذلك استغربت كثيراً حين دخلت إلى محل النظارات في أحد المراكز التجارية، لاشتري واحدة بدل تلك التي فقدتها في المعرض، قلت للبائع العربي فقدت نظارتي في المعرض ولا يمكنني التحرك بدونها، أريد أخرى بشكل عاجل جداً، قال في أي معرض فقدتيها ؟ ذكرت له اسم معرض أبوظبي للكتاب ففاجأني أنه يسمع به للمرة الأولى !
صباحاً قال لي أحد الأشخاص بإن زملاءه تفاجأوا بخبر المعرض، وحين دعاهم للمجيء معه اعتذروا لأنه لاوقت لديهم، قلت له تلك قضية أخرى، فمن طلب القراءة حظي بالوقت ومن شغف بالكتاب فإنه لن يتوانى عن الذهاب إليه أينما كان ، ثم أن الرجل تفاجأ حين ذكرت له بأنه ليس بالضرورة أن يقرأ الجميع، حتى وإن تمنينا ذلك أو أردنا، فما كل ما يتمنى المرء يدركه، كنت مضطرة للتخفيف عليه حين لمحت في عينيه آثار حزن دفين!
التقيت وزير التربية والتعليم معالي حسين الحمادي صباحاً، بدا شخصاً دقيقاً وراغباً في الإلمام بكل ما يتعلق بالنشر والكتب والثقافة التي ينتجها الشباب الإماراتيون، حمور زيادة الروائي السوداني صاحب إحدى الروايات التي كانت ضمن القائمة القصيرة التقيته أمام دار العين، بدا هادئاً جداً وقريب الشبه ببطل روايته ( بخيت منديل ) خجلا ومتحفزاً ومليئاً بالخفايا والأسرار، حين قلت له بإنني أحببت شخصية بطله في «شوق الدرويش» أجابني بأن بخيتاً رجل محظوظ بحب القراءة ، اما هو فمحظوظ بزيارته الأولى لأبوظبي، وأظنه لن ينسى هذه الزيارة ولا هذه المدينة المعطاءة الدافئة !
مسك الختام في يومية اليوم كانت الجلسة التي قلب فيها الصحفي الرائع الزميل سعيد حمدان أوراق ذاكرة الصحافة الإماراتية وغاص عميقاً ومختزلا تلك القضايا الخلفية والمعارك الظاهرة والخفية سنوات الثمانينيات والتسعينيات وحتى منتصف الألفية الثالثة، كانت جلسته التوثيقية موفقة وضرورية ومؤثرة بكل معنى الكلمة !