هناك سينما أخرى لا نراها

هناك سينما أخرى لا نراها!

هناك سينما أخرى لا نراها!

 صوت الإمارات -

هناك سينما أخرى لا نراها

عائشة سلطان

هناك أفلام تنتجها السينما الهندية مغايرة تماماً لخط الإنتاج التجاري المعتاد الذي حصر الفيلم الهندي في قصص البؤس والحب والجريمة والمفارقات والمبالغات اللامنطقية، تلك الأفلام التي يغني ويرقص فيها الجميع بضرورة ومن غير ضرورة، من خلال تلك الثيمة الأبدية لقصة الحب بين الشاب الوسيم الغني والفتاة الفاتنة الفقيرة أو العكس والمطاردة التي لا تنتهي بينهما، بحيث تتحول الشوارع والبيوت والجبال والمعابد والسهول إلى حلبات رقص ومجاميع لحسناوات يحركن أجسادهن بشكل مذهل، هذا الإنتاج التجاري ليس كل السينما الهندية، بل هو الوجه الأكثر انتشاراً والأغزر إنتاجاً والأكثر شعبية لأنه يلبي شغف الملايين ويغازل أحلامهم ورغباتهم المقهورة في الحب والغنى والفرح والسعادة.

بعيداً عن هذا النوع الذي دأبت «بوليوود» على ضخه للسوق العالمية والعربية والذي تربت عليه أجيال وأجيال من شباب العالم العربي، هناك أفلام مخالفة لهذا الخط ومختلفة عنه جملة وتفصيلاً شكلاً ومضموناً، قدمتها بعض القنوات في السنوات الأخيرة، تتعرض هذه الأفلام لمنحى إنساني عام في حياة الإنسان الهندي في المجتمعات الغربية تحديداً وعلاقته بهذه المجتمعات وطريقة تكيفه أو صراعه معها، والصراع هنا لا يذهب للصدام أو العنف بقدر ما يبرز مدى تمسك الهندي بموروثه باعتباره شرقياً متجذراً في ثقافته بكل تفاصيلها، ثيابه، تميم بيته، طقوس الزواج والموت، الطعام، العلاقات بين أفراد الأسرة، مكانة الأب والأم، صراع الجيل الجديد من الشباب مع الموروث ومع مطاليب المجتمع الغربي الذي أصبحوا جزءاً منه.

إلخ.

تلك الأفلام تقدم توثيقاً مهماً وإنسانياً لمعاناة وهموم الإنسان، كما تجسر الكثير من نقاط سوء الفهم عند الآخر، وهذه الأفلام تقدم بلغة إنجليزية صرفة طوال الفيلم وفي بيئة غير هندية، إلا إذا اقتضت الضرورة العودة لأمكنة في الهند وطبعاً لا وجود بالمطلق للرقص والغناء.

هناك أيضاً أفلام هندية تحاول من خلال رؤية إخراجية متقدمة ومبدعة التحرر من لازمة المكان في الفيلم، فلا تعرف إن كان الفيلم أو القصة تدور في الشرق أم في الغرب، في أميركا أم في بريطانيا، في اليابان أو دبي، لا إشارة لتفاصيل المكان بالمطلق، وهو إهمال أو تغافل متعمد للإيحاء بإنسانية الحدث، وبأن الحكاية تخص الإنسان حيثما كان، ولقد طرحت مجموعة من الأفلام قضايا إنسانية في غاية الحساسية والإبداع وبشكل تفوق على نتاجات «هوليوود» بمراحل واستحق جوائز عالمية، وهنا نسأل أين الأفلام العربية من هذا النوع؟

يبدو السؤال للبعض من نوع السخرية المرة أو الكوميديا السوداء التي تجلد الواقع العربي بشكل عام، لكن الحقيقة خلاف ذلك، فحين نسأل ذلك نحن نعرف أن هناك جهوداً فردية وصلت إلى منصات التتويج بجهود عدة أشخاص قدموا تجارب إنسانية فائقة الحساسية وصلت إلى قلوب الناس ولجان التحكيم في مهرجانات عالمية كمهرجان كان الأشهر الذي استطاعت من خلاله السورية وئام بدرخان أن توثق يوميات الحرب في سوريا عبر كاميرا شخصية، وأن تقدم رؤية الإنسان ومعاناته بوضوح وعمق وبشكل حقيقي.

“الجمهور عاوز كدة” يبدو ذلك صحيحاً في أحيان كثيرة، حين نضع كل الناس في خانة واحدة أو في سلة واحدة، وندعي أن كلهم يريدون التهريج ويرغبون في التهام أجساد الراقصات والفتيات العاريات على الشواطئ، لكن الحقيقة ليست كذلك، وحتى لو وجدت جماهير كذلك فمن الضروري أن تحول الكاميرا أنظارهم إلى مشاهد أخرى رحمة بإنسانيتهم ليس شرطاً أن تحولها لمرأى الخراب والدمار والقتل لكن إلى زوايا لا تستطيع أن تذهب إليها بحساسية وجمال سوى آلة التصوير بكل رهافة وبساطة‏.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هناك سينما أخرى لا نراها هناك سينما أخرى لا نراها



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates