عائشة سلطان
طرح أحدهم اسماً قال إن صاحبته روائية كبيرة، ولكنها نصف شاعرة، وأن أول كتاب طرحته منذ سنوات عدة قد سبب ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والأدبية العربية بسبب جرأته وحداثة تقنياته، كما قال، في الحقيقة لم أدع معرفة الروائية الكبيرة، فقد كنت أسمع اسمها للمرة الأولى، قلت لنفسي لا بأس أن يملك المرء بين الفينة والأخرى القدرة على الاعتراف بجهله ذلك أفضل من ادعاء المعرفة التي قد تكلفك الكثير أحياناً، خاصة لو سئلت في التفاصيل فتبين جهلك واضحاً!
سارعت بالاتصال ببعض الإخوة الناشرين الذين يشاركون في معرض الرياض الدولي للكتاب أسألهم عن الروائية الكبيرة، فقالوا ما قدرهم الله على قوله!
بحثت في المواقع التي توفر نسخاً إلكترونية للكتب، عثرت على الكتاب الذي قيل لي إنه تسبب في ضجة كبيرة نظراً لجرأة الطرح وحداثة التقنيات السردية المستخدمة، كان الكتاب صغيراً لا يتعدى الـ 140 صفحة ربما، قرأتها سريعاً، مرت عيناي مسحاً على بعض الصفحات، لم أتمكن من إنهائه كله، لم يكن هناك ما يشجع على تحمل عناء القراءة وتضييع الوقت، ليس هناك من متعة أو معرفة أو جماليات لغة أو أي شيء يذكر، هذه وجهة نظر قارئ وليست وجهة نظر ناقد، فأنا لست ناقدة أدبية في نهاية الأمر، لكن طول عشرة جمعتني بالكتب جعلت لدي قدرة على الانتقاء والحكم والاختيار لا أكثر، هذا كله جعلني أفكر في أن الروائية المذكورة ليست نصف شاعرة فقط بل هي نصف روائية كذلك. وأنها صبت كل هذا الجنس في الكتاب لتضمن سرعة انتشاره لا أكثر ولا أقل.
الحكم هنا يطال العمل وليس الكاتب، فأن نقول إن الكتاب سيئ أو فاشل لا يعني بالضرورة أن الحكم ينسحب على شخصية الكاتب، هذه نقطة مهمة، النقطة الأخرى تخص ما قاله البعض عن أعمال هذه الروائية وروائيين آخرين يسيرون على المنوال نفسه، الكتابة الايروتيكة أو الجنسية، التي يعتبر البعض أن الكتابة الجريئة فيها هي قمة التحرر من كبت الجسد إضافة إلى أنها تعبير عن حرية التعبير، ولا أدري ما الرابط بين الكتابات الجنسية المبالغ في جرأتها وبين التحرر والحرية وعلاج الكبت الجسدي، فإما أنّ هناك وهماً في مكان ما، وإما خلطاً وإما تقليداً لموجة سادت أوربا فيما عرف بالثورة الجنسية عندهم.