عائشة سلطان
في المهرجانات والملتقيات وسائر المناسبات الثقافية والأدبية والإعلامية هناك ملاحظتان جديرتان بالانتباه والاهتمام من قبل ذوي الشأن والقائمين على أمر أجندة هذه المناسبات :
الأولى أنه لا يبدو ملائما ولا لائقا أن تنظم لقاءات ومهرجانات في أي بلد وفي أي مدينة دون أن يكون المعنيون بهذه المهرجانات من أهل البلد هم أول الحضور، بمعنى أكثر وضوحا لا يجوز أن تكون مهرجاناتنا ومنتدياتنا رسالة للاستهلاك الخارجي فقط، ندعو فيها الحضور من الخارج والمحاورين والمقدمين والفائزين وحتى الجمهور من الخارج، إذا كان القائم على أمر تنظيم المهرجان لا يعرف الخريطة الأدبية أو الثقافية للإمارات فيفضل أن يتم تنظيم الحدث في الخارج، ذلك سيكون أكثر اتساقا مع المنطق !
الحديث هنا عن التواجد الحقيقي للمثقف الإماراتي وليس التواجد الانتقائي ، فكلما سئل أحدهم عن سبب عدم حضوره لذاك المهرجان أو ذلك المنتدى كانت الإجابة : لا علم لي بالأمر، أو لم أدع اليه! إذن فمن الذي دعي ؟وإلى متى ستظل الساحة الثقافية تتخبط في حالة الإقصاء والمزاجية؟
الملاحظة الثانية حول المثقفين والكتاب الإماراتيين من جيل الشباب الواعد الذين نتطلع اليهم بعين التفاؤل والحرص معا، هؤلاء يحتاجون وبإلحاح شديد لأن يتواجدوا في المؤسسة الثقافية الاماراتية، في اللجان وفي مجالس الإدارة، لا يمكننا أن نتحدث عن المشاركة السياسية وعن التوطين والتمكين ونحن ما زلنا نقرأ ذات الأسماء التي احتلت لجان الجوائز والمهرجانات والمؤسسات الثقافية في الإمارات منذ سنوات طويلة دون تغيير إلا ذلك التغيير الذي يشبه ذر الرماد في العيون !
لا يمكن ان تدار المؤسسة الثقافية في الإمارات للقرن الحادي والعشرين دون شباب مثقف حقيقي، وهنا لا نقصد بالشباب اولئك الموظفين البعيدين عن أي توجه ثقافي حقيقي أو الذين يظنون أنهم شباب وهم على أعتاب الستين، نتحدث عن الشباب الذين يديرون لقاءات وصالونات قراءة ويهتمون بالثقافة الحقيقية وليس بالضجيج وأخبار الصحف، هناك شباب واعد، مثقف وفي مقتبل العمر الأدبي والفكري لابد من منحهم الفرصة للتواجد لتغيير مناخ المؤسسة الثقافية المهجورة، فربما استطاعوا أن يعيدوا الجمهور الهارب إليها !
النقطة الأخيرة فيما يخص الشباب تتعلق باستعجال الشهرة، هذا الذي نراه على ساحتنا الأدبية ليس أدبا ولا فكرا، هذه بضاعة سوق في معظمها تأخذ وقتها كموضة الثياب وتنتهي دون أن تترك أي أثر، وهنا يقع الوهم والخطورة معا. الأدب والفكر شيئان مختلفان عن بضائع السوق تماما!