عائشة سلطان
آخر الأخبار الصحية تقول، إن منظمة الصحة العالمية قد تضع «السيلفي» في قائمة الأمراض النفسية، حيث يعتبر خبراء الصحة الإدمان على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والتقاط صور «السيلفي» خللاً نفسياً، يستدعي إدراجه ضمن التصنيف العالمي للأمراض النفسية وتحديد العقاقير اللازمة له.
إن حركة العالم وتطوراتها تنتج إبداعاتها الخلاقة واكتشافاتها المذهلة، كما تنتج إشكالاتها الكثيرة مصحوبة بظواهر لافتة يواجهها الناس باستنكار واستغراب، ورفض في البداية، خوفاً من الانتقاد، لكنها سرعان ما تتحول إلى هوس اجتماعي بالنسبة لهم، ومن ثم يصير الشباب الصغار يضمونها إلى قائمة سلوكياتهم، وتعتبرونها (ترند) أو موضة، كالتقاط صور السيلفي، حباً في المشاركة والاستئناس بالأصحاب ومتعة الوقت !
الخوف واحد من المشاعر التي وجدت مع الإنسان منذ أول خلقه، وأول ما خاف منه الإنسان الوحدة، وأول ما عالج به هذا الخوف هو البحث عن الشريك ليؤنس به وحدته ويبدد مخاوفه، كان ذلك في الجنة، ولم يعرف الإنسان بعد أي شيء عن الضغوط والمشاكل والإحباطات، ما يدل على أن حب التشارك والجماعة والاستئناس بالآخر فطرة بشرية وقاعدة طبيعية، وأن السعي للعزلة هو الاستثناء حتى وإن لم يكن دليلاً دائماً على وجود خلل، أو مرض، أو انحراف سلوكي، كما قد يظن البعض!
الخوف ليس مجرد شعور عابر في حياتنا، إنه واحد من آليات الدفاع عن النفس والحياة والوجود بشكل عام، نحن ندافع عن أنفسنا، ونثبت وجودنا بالخوف، حتى يصح القول «أنا أخاف إذن أنا موجود»، ومثل السيلفي والانترنت لابد أن تسمي منظمة الصحة العالمية أنواعاً جديدة من المخاوف باعتبارها مخاوف مضاعفة، أو فوبيات جديدة لا تقل عن الفوبيا من الطيران والارتفاعات والحشرات، والأماكن المغلقة والمظلمة، وفوبيا الغرق وو...، كأن تعتبر «داعش» مثلاً واحدة من مخاوف البشرية الكبرى بعد كل ما أفرزته من جرائم كارثية تشكل رعباً للبعض، بحيث أن اسم «داعش» أصبح يثير شعوراً مضاعفاً بالخوف والرهبة، واستحضار مشاهد الذبح وقطع الرؤوس وسبي النساء، وبيعهن في السوق! وكما يخترع الإنسان خوفه ليواجه به ما يطرأ مما يهدد حياته ووجوده، فإنه يخترع لهذا الخوف ما يبدده، ففي الطائرة حين يستولي الخوف على البعض من الطيران مثلاً، يلجأ بعضهم للمشروبات الكحولية، بينما ينشغل بعضهم الآخر بقراءة كتاب لا يعودون بعد الانتهاء منه يتذكرون شيئاً منه، وبعضهم ينهمك في تناول الطعام لفترات طويلة، بينما يستهلك الكثيرون الوقت في مشاهدة الأفلام والاستماع إلى الموسيقى، وهذا ما تحرص شركات الطيران على توفيره ليس من باب الرفاهية فقط، ولكن كنوع مهم من العلاجات الموصى بها !