عائشة سلطان
ليست قناة السويس كقناة الجزيرة ولن تكون، كلاهما تحملان الصفة نفسها لكن شتان بين قناة تجري فيها مياه تضخ الحياة في شرايين الاقتصاد العالمي لنماء الإنسانية، وبين قناة اختارت أن تضخ الكذب والكراهية في عقول العالم تحت شعار براق لكنه غير منصف وغير موضوعي (الرأي والرأي الآخر) ، وبالرغم من كونها انطلقت منذ سنوات طويلة حاملة هذه المسئولية وواعدة بتحقيقها، إلا أنها اختارت رأياً واحداً وتوجهاً واحداً وفكراً واحداً انحازت إليه فصار هو الرأي وهو الرأي الآخر، مجبرة الجميع على اتباعه وتصديقه رغم أنف الحيادية والموضوعية والمصداقية!
قناة السويس ليست مشروعاً إسرائيلياً وليست قناة تشق أراضي دولة عدوة وليست إنجازا سيحسب لصالح أعداء الأمة، إنها مشروع عربي لدولة كانت ولازالت وستبقى قلبنا وقبلتنا ومظلتنا ودرعنا شاء من شاء وأبى من أبى، أما محاولات الجزيرة التقليل من شأن المشروع أو محاولة تصغيره وتتفيهه والسخرية منه باعتباره مشروعاً كاذباً ضخمته آلة إعلام السيسي كما يدعون فلا تدل على شيء مثلما تدل على سوء النوايا والعمل الحثيث لصالح أجندات مقيتة تصب في غير صالح الأمة العربية كلها ومصر على وجه الخصوص!
لتذكر الجزيرة إذا كانت تؤمن بالرأي والرأي الآخر أن مخططاً شيطانياً كان يجري تنفيذه على الأرض العربية تحت عنوان كاذب هو (ثورات الربيع العربي) يهدف إلى خلط الأوراق وبعثرة الأمة وتمزيقها وتقسيمها وإشاعة الفوضى في كل مكان فيها لتأسيس دويلات وكانتونات ومناطق قائمة على الطائفية والمذهبية واللاانتماء واللامعنى واللاوطن، بعيدا عن قيم الانتماء والمواطنة وأن هذه الدويلات ستكون اليد والأداة الضاربة لتنفيذ مخططات أعداء الأمة، هذا المخطط لم يفشله سوى مصر حين وقفت في وجه الإخوان والإرهابيين والأميركان والدنيا بأسرها، وناضلت ودافعت عن وحدتها الوطنية لتنجو ولننجو جميعا معها.. ألا يجب إحقاقاً للحق أن تقول الجزيرة ذلك أم أن هذه الحقيقة صعبة على صناع الكذب فيها؟
مصر سواء أنجزت قناة بطول 200 كيلو أو 50 كيلو متراً فإنها أنجزت ووعدت فأوفت، واختارت أن تبني لأنها اعتادت على كتابة سفر الحضارة منذ فجر التاريخ، إن الحضارة تبني والكراهية تهدم، وحين اختارت الجزيرة أن تكون مع الطرف الآخر فقد اختارت الهدم والكذب وفقدت جمهوراً عريضاً كان يتوسم فيها فتحاً مبيناً في دنيا الإعلام العربي، لكن يبدو أن الأقنعة تتساقط سريعاً تحت شمس الحقيقة!