قصة هروب

قصة هروب

قصة هروب

 صوت الإمارات -

قصة هروب

عائشة سلطان

تحكي طبيبة سورية عن تجربة هروب مريرة الى إحدى الدول الأوروبية بتدبير، برفقة وحيدتها الطفلة وبمساعدة مهرب محترف، لكنه ولحسن حظها كانت إنسانيته لازالت في حالة جيدة، فبعد أن دبر لها جواز سفر أوروبياً (مزوراً) ومنح طفلتها جواز سفر ابنته، أسرّ لها قبل السفر بأنهم سيفترقون في المطار وسيسافر هو مع البنت الى المانيا على أن تنهي هي اجراءاتها لوحدها حتى لا يكتشف أمرهم، وأمر الجوازات الزائفة إذا بكت الطفلة طالبة أمها، وهذا ما كان بالفعل، لقد نفذ المهرب والطفلة من ضابط الجوازات بسهولة لكن ارتباك الأم الشديد كشفها، وهنا كانت مصيبتها الأولى، سافر المهرب بالطفلة إلى ألمانيا واعيدت هي من حيث أتت!

بشكل وبآخر تدبرت جواز سفر ايطاليا ومزورا بطبيعة الحال بعد عدة أيام، في الوقت الذي كانت تتواصل فيه مع المهرب طالبة ان يعهد بالطفلة الى إحدى صديقاتها في المانيا ممن كانت تتردد عليها في سوريا، وقد قام المهرب بذلك، لاحقا سافرت الطبيبة الى النمسا واستقلت أول قطار الى المانيا حالمة باللحظة التي ستحتضن فيها طفلتها، استفاقت على ضجة كبيرة ورجلين يطلبان منها جواز سفرها، حدقت فيهما، كانا رجلي أمن بمسدسات وهراوات غليظة، كانت تلك مصيبتها الثانية، لكنها بثبات الأم المصرة على فعل أي شيء للوصول لابنتها ناولته الجواز من دون تردد، سألها هل أنت إيطالية، كلميني بالايطالية إذن، وأسقط في يدها، بكت كثيرا مرددة لست ايطالية أنا سورية أبحث عن ابنتي واريد أن أصل اليها، إنها في المانيا، المفاجأة أن الضابط طمأنها حين قال لها أنت في الأراضي الألمانية لا تخافي!
بقيت في معسكر للاجئين لمدة أسبوعين، ثم تدبرت أمر التواصل مع صديقتها ومن ثم وصلت الى ابنتها التي كانت بعد عدة أسابيع من فراق أمها قد تغيرت ولم تتعرف الى أمها بسهولة، كانت تبكي، وبصعوبة استطاعت الأم رأب الصدع الذي أحدثته فاجعة الفراق.. ستضع الطبيبة نفسها في قوائم اللاجئين وستحصل على حقوق المهاجر و«سأعمل بكل طاقتي لتكبر ابنتي وتتعلم وتنال حياة أفضل وتصبح طبيبة مثلي أو ما تريد أن تكون هي»، هكذا رددت الطبيبة وهي ترى طفلتها تلتحق بروضة الأطفال التي تسجلت فيها لتبدأ حياة أخرى مغايرة ولتمد جذورا جديدة في تربة بلاد بعيدة عن سوريا الى أن يشبع تجار الحروب ويكتفوا ويتقاسموا الغنائم ساعتها ماذا سيبقى لأمثال هذه الأم وللصغار الذين سيحملون جوازات سفر أجنبية وسيتحدثون بلغات أخرى ويسكنون أحياء ومنازل لا تعبق بالياسمين الدمشقي، ولكنها بالتأكيد تمتلئ بالأمان والكرامة التي ضاعت هناك في أحيائهم العتيقة!

هذه واحدة من حكايات الرحيل الطويل التي يعيشها السوريون هذه الأيام بينما تتعقد الأمور أكثر في الجغرافيا العربية..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة هروب قصة هروب



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates