تاريخ المدينة نهاية الإنسان

تاريخ المدينة.. نهاية الإنسان

تاريخ المدينة.. نهاية الإنسان

 صوت الإمارات -

تاريخ المدينة نهاية الإنسان

عائشة سلطان

إليكم هذه الحكاية أولاً :

عندما قررت نشر روايته العربية الأولى «عشيق المترجم» لم أكن أعلم عن الكاتب والمترجم (جان دوست) سوى أنه سوري من أصل كردي يقيم في ألمانيا منذ قرابة الخمسة عشر عاماً، وكنت قد قرأت اسمه كمترجم للملحمة الكردية الشهيرة «مم وزين»، إضافة إلى رواية بعنوان (سرنامة) صدرت له عن مشروع (كلمة) في الإمارات علقت عليها في مقالي اليومي في جريدة الاتحاد، وقرأها (جان)، فكتب لي شاكراً ومقدراً احتفائي بالرواية، فرددت تحيته، متمنية أن يكتب لنا لقاء ذات يوم، كل ذلك كان قبل أن أشرع في تأسيس دار النشر.

وقد شاءت المصادفة أن يرسل لي أولى رواياته بالعربية لتنشر عبر الدار، والحق فقد كانت رواية لافتة بلغتها ومضامينها وحمولتها الفكرية، كتب عنها العديد من نقاد الوطن العربي، مجمعين على أنها رواية التسامح الديني، ونبذ التطرف بامتياز!

وحين وضعت ملخصاً للرواية على غلافها الأخير، جعلت عدة أسطر لتعريف قارئ العربية بـ (جان دوست) فكتبت (هو روائي ومترجم كردي سوري، ولد عام 1965 في بلدة كوباني المعروفة بعين العرب، والتي تقع ضمن نطاق محافظة حلب السورية.

.

) ثم حذف المخرج اسم (كوباني) باعتباره اسماً غير معروف لأحد وترك عين العرب، وقال كان ذلك لضرورات الاختصار! بعد أقل من ستة أشهر أصبحت كوباني (عين العرب) الاسم الأشهر في كل العالم، والعنوان الأبرز في مقدمة نشرات الأخبار الرئيسة، وتلك مفارقة حقيقية! حيث أصبحت كوباني النقطة الفاصلة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط ضمن حلقة الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وحلفائها من جانب والإرهاب العالمي الذي تمثله داعش على الجانب الآخر وتاريخ الأكراد عبر قرون من التجاهل والمآسي من جانب ثالث.

ومثلها برزت العديد من المدن في فترات الثورات والصراعات، حيث تصير بعض المدن بئراً وصومعة وكتيبة، تدفع ضريبة الموت من قلوب أبنائها وبناتها وعيون أطفالها، تنتهك كامل إنسانيتها حين تتحول خبراً يومياً وصوراً تتناقلها الأخبار والوكالات، لافرق بين نومها وصحوها، لياليها كنهاراتها، من تحت قوس النصر تدخل الجيوش الفاتحة لتسحق كرامة البسطاء، ومثلها يفعل الإعلام المباشر حين يسمح لتلصصنا أن يمسح أسطح المنازل والدكاكين وغرف النوم وأفنية بيوت الفراء تحت شعار الشفافية!! بينما نحن المتفرجين الدائمين المتخمين بالكسل والفجاجة، متابعي التسلية والكوارث على حد سواء، لا نستحي من فعل الفرجة على ذل النساء وتعاسة الفتيات، وذلك البؤس الموزع بين خيام اللجوء وطوابير الشتات، نسترق النظر الآثم للثياب المعلقة على حبال الغسيل في المخيمات وتفاصيل أجساد الصغيرات بثيابهن البالية، هذا نحن بكامل ادعاءاتنا وإنسانيتنا المتبجحة!

ألم يكن من الأولى ألا تكون هناك داعش من الأساس، والقاعدة وجبهة النصرة وجماعة خراسان وكل الأنظمة القمعية والبشر القمعيون؟ ولكن كيف سيدار الشرق الأوسط إذن؟ كيف سيتم اقتسام النفط والغاز ومناطق النفوذ؟ كيف ستدور آلة الحرب وتستورد أدوات القتل وتشتغل الأساطيل والمصارف وشركات العلاقات العامة وامبراطوريات الإعلام ووكالات توريد المرتزقة؟ وكيف ستضخ المليارات لحساب أباطرة السلاح والأدوية والمخدرات وتجار بيع الأطفال والرقيق الأبيض ومنظمات حقوق الإنسان، وأولئك النواب والسياسيون الذين يصوتون في البرلمانات الكبرى بـ (نعم) مدوية للتدخل العسكري!! كيف ستنتعش شركات البناء والمقاولات وبناء الجسور وطائرات نقل المعونات، كيف.

.

كيف، لو لم تكن مأساة هذه المدن طازجة على الدوام كتفاحة مغرية وجاهزة للقضم دوماً؟!

المفارقة ملح الحياة دوماً، وإلا فكيف يكتب ابن كوباني رواية ترشح بالتسامح ونبذ العنف والتطرف، ويشتهر أهلها بالوداعة وحب العلم والغناء والرقص والفن والألوان، بينما تدور في شوارعها اليوم واحدة من أشرس معارك الإرهاب والتطرف والجنون على يد داعش التي هجّرت الناس وبعثرت أمانهم وكرامتهم لتبذرهم في عمق العنف وعلى مداخل مدن المساومات؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ المدينة نهاية الإنسان تاريخ المدينة نهاية الإنسان



GMT 01:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 01:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 01:29 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

GMT 01:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

GMT 01:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أولوية مشروع الدولة!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates