عائشة سلطان
العلاقة بين الرجل والمرأة بجميع مستوياتها وتجلياتها في المجتمعات العربية كلها من دون استثناء تعتبر علاقة إشكالية شديدة التعقيد والحساسية، بالرغم مما تبدو عليه في بعض المجتمعات من ميلها للبساطة والمسالمة والتبجيل، أو ميلها الفطري في بعض المجتمعات للمهادنة والتقية.. لا أقصد أن العلاقة بينهما علاقة صراع، لكنها ليست علاقة بسيطة على طول الخط، وليست علاقة خالية من الاشتباكات والشكوك والتنافس غالباً!
المرأة ليست كائناً ضعيفاً أو مستضعفاً بالمطلق، إلا إذا كنا نتحدث عن التركيب الجسدي في مواجهة بعض العقبات، والرجل ليس سيئاً أو ماكراً كما قد تظن الفتيات من فرط ما تخوفهن أمهاتهن من الرجال، من وجهة نظري، الرجل مخلوق بسيط جداً (هذا لا يعني السذاجة أو عدم الدهاء) وهو مباشر أحياناً وميال للتمويه غالباً (في سلوكه المطلق حين لا يكون مضطراً لاستخدام أسلحته الأخرى) وهو بسبب تركيبته الجسدية، وطبيعة عقله لا يستطيع التعامل مع الأمور بشكل متشابك أو معقد، يفكر في المشكلة تراتبياً ويحلها واحدة تلو الأخرى، يجيب على الأسئلة ابتداء بآخر سؤال، لأنه لا يجهد ذهنه ليتذكر أول سؤال طرح عليه، خاصة حين يطرح عليه أربعة أسئلة دفعة واحدة، لا يحلل ما يراه أو يمر به، ولا يغوص كثيراً في الظواهر والمشاكل، يبسطها ويحلها بسهولة قدر إمكانياته، غير صحيح كل ما يقال عن أنه شديد الصبر والاحتمال، فحالة انفلونزا تجعله طريح الفراش وصداع قليل يجعله يعلن حالة طوارئ في البيت وصراخ طفله الوليد يدفعه لهجر غرفة النوم والإقامة في صالون المنزل، بالمقابل فإن المرأة تسجل تفوقاً قياسياً عليه في كل ما ذكر سابقاً، هذا لا يعني أن الرجل ضعيف، وأن المرأة أقوى منه، لكنه يعني أن مقياس القوة مختلف وطبيعة اختبار القوة مختلف أيضاً، فالحمل والولادة وتربية الطفل أمر لا يقاس تحمله بأي شيء، لكن المرأة جهزت له تكويناً وعقلاً وتربية!
المرأة، سواء كانت أماً، أو زوجة، أو ابنة أو أختاً أو حبيبة أو صديقة أو زميلة، فهي تقع في علاقتها بالرجل في مطب سوء الفهم، هي لا تفهمه إلا من خلال ذاتها، من خلال متطلباتها، ومن خلال الحالات والتغيرات والضغوط التي تمر بها، والتي من المعلوم أن الرجل لا يمر بها ولا يشبهها فيها.
للرجل طريقة في فهم الأمور والتعامل معها وردات الفعل عليها، وهي تختلف حتماً عن المرأة، لذلك فحتى الرجل يقع في الإشكالية نفسها حين يتعامل مع زوجته وابنته و...، هو يعتقد بأنها تشبهه في احتياجاتها، وهي تعتقد الشيء نفسه، والتربية العربية لا تجهزهما لمواجهة بعضهما ككائنين مستقلين قادمين من كوكبين مختلفين.. نحتاج لإعادة النظر في الأمر لتصحيح مسارات العلاقة المتشابكة منذ أزمنة طويلة!