خلايا التطرف النائمة فينا

خلايا التطرف النائمة فينا!

خلايا التطرف النائمة فينا!

 صوت الإمارات -

خلايا التطرف النائمة فينا

عائشة سلطان

نخطئ حين نظن أن التطرف فكرة غزتنا من الخارج، جاءت بها كائنات غريبة من كواكب مجهولة، ونخطئ أكثر حين نصدق الكلام حول دور الإعلام في التصدي السريع للتطرف، أو أن قراراً من وزير الثقافة أو وزير التعليم بإدراج عدة قصائد أو صفحات في مناهج الدراسة يمكنها أن تمحو هذا الوحش الذي يعيث بيننا وفينا تخريباً، التطرف يا سادة موجود في داخلنا، يجري منها مجرى الدم في العروق، نحن أناس متطرفون قبل أن نولد، متطرفون منذ أن نولد ونتربى على أن نكون متطرفين، فحين كنا تلاميذ يافعين في المدارس علمونا وبشكل يدعو للفخر أننا قوم «لنا الصدر دون العالمين أو القبر»، و«إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا»!! بينما في غرفة درس أخرى كان المعلمون يؤكدون لنا أن ديننا دين الرحمة والتواضع، والأهم من هذا وذاك دين الوسطية، «ولقد جعلناكم أمة وسطاً»، فتربينا حاملين بذور التناقض بين الفكرة الدينية النقية والتطبيق العملي الجاهلي، وبين الفكرتين كانت تنبت شجرة التطرف!

اليوم لا تجلس مع أحد إلا ويتباهى بما يحفظ من أفكار الدين النقية، لكن ومن دون سابق إنذار تجد هذا الذي يحفظ آيات التواضع والحرية الدينية و»إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وإن الله لا ينظر إلى ثيابكم ولكن إلى التقوى في قلوبكم....الخ، لا يتوانى عن وصف هذا بالكفر، وذاك بالخسة والحقارة والدونية، وتلك بالرذيلة والأخرى... لمجرد أنهم يختلفون معه في الدين أو المذهب أو الانتماء العرقي أو القبلي، وأحياناً لأنهم لا يساوونه في المركز المادي والوجاهة الاجتماعية! ألا يطبق هذا المتطرف مبدأ الشاعر (لنا الصدر دون العالمين أو القبر)!!

إن تيارات التطرف التي تملأ المساحات العربية المختلة سياسياً وجغرافياً تقتات من تاريخ طويل من التطرف والصراعات والقمع قائم على احتقار الآخر وإهانته، بل وتصفيته وإنهاء وجوده، لأنه مختلف دينياً ومذهبياً وعرقياً، انظروا أين يزدهر التطرف الآن، وأين يسرح ويمرح «داعش» وإخوانه؟ إنهم يتحركون في المساحة الجغرافية التي شهدت تاريخياً وعلى الدوام أشرس المواجهات بين السلطة الحاكمة ومعارضيها لأسباب قائمة أساساً على الاختلاف الديني المذهبي والعرقي!

إن في داخل كل منا متطرفاً نائماً تماماً كالخلايا السرطانية النائمة التي تنتظر فرصتها التاريخية لتنشط وتلتهم الحياة فيما حولها، هذه الخلايا قد نرثها وربما نعمل على تربيتها وتنميتها، وفي الحياة هناك كثيرون يتحركون بيننا مستعدون في أي لحظة أن يكشفوا عن داعشيتهم البغيضة، انظروا إلى نقاشات مواقع التواصل كدليل لا يقبل الجدل.. نحن في مأزق وجودي ونحتاج لجهود جبارة وجماعية للخلاص من ذهنية التطرف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلايا التطرف النائمة فينا خلايا التطرف النائمة فينا



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates