تداعيات ربيع براغ

تداعيات ربيع براغ

تداعيات ربيع براغ

 صوت الإمارات -

تداعيات ربيع براغ

عائشة سلطان

في مدينة براغ الجميلة مجدداً، أجد الخريف يلملم ألوانه ويتساقط مع ورق الأشجار الصفراء في كل شوارع وطرقات المدينة، والمدينة التي تشي مبانيها وطرزها المعمارية بتاريخ عريق وحافل لا تسمع في شوارعها ومطاعمها ومراكزها الكبيرة لغة التشيك، بل خليط من كل لغات العالم بعد أن تحولت إلى إحدى أكثر الوجهات السياحية تفضيلاً.

اللغات الأميركية والصينية والبلغارية والعربية تسمعها بوضوح، وتتوقف لتسأل عن شارع أو متحف أو قصر فتفاجأ أن لا أحد يعرف المدينة، الصغار يقولون لك نحن لسنا من هنا والكبار يجيبونك قبل أن تكمل سؤالك لا نتحدث الإنجليزية، فتمضي إلى أقرب فندق حيث الجميع يتحدث الإنجليزية على طريقة الأميركيين، عندها تتذكر ما كان في ربيع براغ عام 1968 !

في تلك سنوات نهاية الستينيات صرح دوبتشيك الرجل الذي أراد قيادة حركة إصلاح سياسية بالغة الخطورة على أطراف الاتحاد السوفييتي الشيوعي معلنا عن نيته استبدال نظام الحكم الشيوعي باشتراكية ديمقراطية خلال 10سنوات كما تم التحدث عن إمكانية معاودة السماح للأحزاب بالعمل السياسي وبحرية الصحافة والتعبير والاقتصاد والتنقل والانتقال لوضع يحفظ استقلال ومساواة الأمتين التشيكية والسلوفاكية في إطار فيدرالي!.

لكن الربيع السياسي الذي لم يمض عليه سوى بضعة أشهر أجهض وبشكل عسكري حاسم عندما اجتاحت الدبابات الروسية شوارع براغ معيدة كل شيء إلى يد الحزب الشيوعي كما كان سابقاً !

ظل تأثير ربيع براغ يتنامى دافعاً الكثيرين للهجرة وللدفع باتجاه التغيير، ولعل أعمال الكاتب التشيكي الشهير (ميلان كونديرا) صاحب روايات (الكائن الذي لا تحتمل خفته، المزحة، حفلة التفاهة، الضحك والنسيان..) واحدة من تداعيات ربيع براغ، بعد أن هاجر إلى باريس ونشر أعماله من هناك، مشكلاً حجر الزاوية في الوعي الغربي حول موضوع الإصلاحات والحرية والانقلاب على الشيوعية الشمولية في تشيكوسلوفاكيا ودول المحور الشرقي، وهو ما قاد لاحقاً إلى الثورات المتتالية التي قادت لاستقلال التشيك عام 1993 !

انتهي الاتحاد السوفييتي بسقوط جدار برلين أواخر عام 1989، وانفصلت الجمهوريات الأوروبية بثورات متتالية لتدخل مرحلة انفصالات وحروب عرقية ودينية بعضها أعلن استقلاله وانضم للاتحاد الأوروبي، وبعضها يغذ السير في هذا الاتجاه، في نهاية المطاف فإن الأوطان العظيمة والإنسان المدافع عن حقوقه وحريته هو ما يبقى وكل الزبد يبقى جفاء، المهم هو أن يعي الإنسان أن الحق والحرية لا تأتي على أشلاء الوطن ولا على أجساد أبنائه ولكن بالحفر في عمق الوعي ليأتي الإصلاح تلبية لحاجة وليس تنفيذاً لأجندة خارجية !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات ربيع براغ تداعيات ربيع براغ



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates