عائشة سلطان
في الأيام وربما الأسابيع المقبلة، ستحتل التعديلات الجديدة على قانون التقاعد في الإمارات، واجهة الأخبار والأحاديث وتعليقات مواقع التواصل الاجتماعي.
الذين وضعوا هذه التعديلات انطلقوا من اعتبارات لا نعلمها، لكننا متأكدون من أنهم ظنوا أنها تصب في خدمة المتقاعد، رغم ما نعلمه من الامتيازات التي يوفرها قانون التقاعد الحالي للموظف الإماراتي، والذي أمن له حياة وظيفية مستقرة وآمنة، وسنوات خدمة محسوبة بشكل إنساني وراقٍ جداً، توفر له لاحقاً حياة كريمة ومريحة بعد الخروج من الوظيفة، أي خلال سنوات التقاعد.
لكن الذي أجرى التعديلات، اعتبر أن هذه الامتيازات «من قبيل التدليل الزائد للموظفين المتقاعدين»، ومن ثم جاء بالتعديلات التي قد تتسبب في ردود فعل اجتماعية غير إيجابية، وبالفعل فقد بدأت الارتدادات تتوالى أخبارها عبر أعداد متزايدة من الاستقالات!
الأكثر غرابة هو الإصرار على تمرير القانون في ظل غياب انعقاد المجلس الوطني، وبالتالي ضمان إقراره دون أية نقاشات أو أخذ ورد، لكن فات من مرّره، على ما يبدو، هذا النقاش الغاضب عبر الصحف و«تويتر» و«فيسبوك» ورسائل الهاتف. حين تم تبني قرار رفع أسعار الوقود، فإننا في الإعلام وقفنا معه بشكل كامل، لأننا نعلم يقيناً وبالأرقام والإحصاءات، مقدار الكلفة الباهظة التي تتكلفها الدولة لدفع فروقات الأسعار للسوق العالمية نيابة عنا وخلال عقود طويلة، كما أن الزيادة لم تكن بذلك المقدار المجحف أو غير المعقول أو غير المتفق مع الأسعار العالمية. بالنسبة للتعديلات على قانون التقاعد، فالأمر يشبه التعدي على حقوق ثابتة للموظف الإماراتي الذي أمضى حياته في خدمة وطنه كما فعل من كان قبله، وتمتع بهذه الحقوق على مدى سنوات، إن ما أقر منذ سنوات في هذا القانون إنما هو حق مكتسب لا يجوز التعديل عليه دون سبب قاهر ومنطقي وبهذه الطريقة التي دفعت الكثيرين لتقديم استقالاتهم رغبة في التمتع بمزايا القانون السابق واستباق إقرار التعديلات الجديدة، هذه الاستقالات تدق ناقوس خطر حقيقي يجب التنبه له وتحجيم آثاره قبل أن نواجه موجة استقالات أكبر وانتقادات أقسى لسنا بحاجة لمواجهتها في الوقت الراهن، لهذا نقول بصراحة ووضوح: عفواً نتحفظ على تعديلات قانون التقاعد!