تبادل أدوار

تبادل أدوار!

تبادل أدوار!

 صوت الإمارات -

تبادل أدوار

عائشة سلطان

في مقدمته كمترجم لكتاب (المياه كلها بلون الغرق)، يقول آدم فتحي «لعلنا لم نر عتمة أشد من هذه التي تحيط بالإنسانية من كل جانب في بداية هذا القرن الحادي والعشرين، ونحن بين ألفية أُسْكِنت القبر، وأخرى تنتفض كطائر يخرج من بيضته، ألفية مدججة بكل ما ورثته عن سابقتها من وسائل تدمير الروح والعقل والجسد والقيم والوجدان.. في مثل هذه العتمات نحتاج إلى كُتّاب مثل إميل سيوران». وسيوران هو فيلسوف ومفكر حقيقي حتى وإنْ كان يقول عن نفسه إنه (فيلسوف بالصدفة) ولد في رومانيا عام 1911، لأب كاهن وأم لا تؤمن بالدين، فكانت هذه أولى مفارقات حياته، في العشرين من عمره انسلخ عن والديه نهائياً، ثم في عمر السادسة والثلاثين ترك رومانيا للدرسة في باريس، وهناك عاش يجوب أرياف فرنسا على دراجة نارية، ويؤلف الكتب بلغته الأم، حتى اكتشف أن هذه الكتب لا يقرأها أحد، فقال «من الأفضل أن يكون المرء مؤلف أوبريت، على أن يكون صاحب ستة كتب لا يفهمها أحد»، وهنا قرر الانسلاخ والخروج عن لغته الرومانية، ليكمل حياته فرنسياً يؤلف باللغة الفرنسية، وبها عاش بقية عمره.إن أكثر ما ميز هذا الفيلسوف هو أنه كان وفياً للفكرة ولفعل الكتابة وليس للجمهور أو القراء، كان يؤلف وينشر كثيراً ودون توقف، وكانت كتبه تلقى حفاوة كبيرة من النقاد والمثقفين على الرغم من محدودية توزيعها، في الحقيقة كان سيوران حريصاً على الوجود والحضور ولكن ليس على الظهور، الحضور الخالي من الأضواء والبهرجة والفرجة.كان يقول إن مشكلة الكُتّاب حرصهم على زيادة جماهيرهم، وبالتالي سقوطهم في فخ الكتابة لهذا الجمهور، بمعنى إرضائه والانقياد لرغباته، كي يتكرس مرجعية لهم، وهذا ما كان يشكل رعباً حقيقياً له، هذا الرعب الذي دفعه لرفض جائزة بول موران عام 1988 خوفاً من نهاية لا تليق به كمفكر.كنت أطالع كتابه «المياه كلها بلون الغرق»، فلفتتني هذه العبارة «حين يُشْبِع الطغاة شراستهم يمكن للأمور أن تعود إلى نصابها لولا غيرة العبيد، ورغبتهم في إشباع شراستهم هم أيضاً، إن طموح الحَمَلْ إلى أن يتقمص دور الذئب هو باعث أغلب الأحداث، كل من ليس له ناب يحلم به، ويريد أن يفترس هو أيضاً»، هذه العبارة تحيل إلى حقيقة أن الذين ظلمتهم الأنظمة وقمعتهم لسنوات طوال، أزاحوا التاريخ واستولوا على واجهة المسرح، وأول فعل مارسوه هو ظلم الآخرين وقمعهم وبأشد مما فعله أسلافهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تبادل أدوار تبادل أدوار



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates