عائشة سلطان
ليس هناك من يختلف مع مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بأن «إدارة المدن اليوم تحتاج لأدوات جديدة، وفكر مختلف، إذا أردنا أن نصنع واقعاً جديداً لشعوبنا، وحياة مختلفة لأبنائنا، ونموذجاً عالمياً جديداً في التنمية»، إن الذين يؤمنون بالمستقبل يعيشونه اليوم، مقتنعين بأنه لا نظريات جاهزة، ولا قوالب جامدة تصنع المستقبل، وحده العمل والحفر في أرضية اليوم بإصرار وإبداع، لا نماذج جاهزة أو ثابتة للتنمية، لكن هناك حقائق لا يمكن القفز فوقها أولها، أن التنمية حق لكل شعوب الأرض، وهي حق متاح للمجتهدين، وطريق طويل وصعب لا يقطع إلا بالرؤية والتروي والحرص، أما الكراهية والصراعات والتقاتل، فإنها لا تصنع سوى الخراب.
تأملت كثيراً خلال الأيام الماضية، قرأت كثيراً، وذهبت للتاريخ والجغرافيا وحتى الجنون، نعم الجنون، فهناك منظومة جنون متكاملة، يحرسها مجانين بامتياز يقودون بشراً مغمضي الأعين نحو نهايتهم، وهناك منظومة فساد يتولاها فاسدون يبذرون الأرض فقراً واحتياجاً وتشرداً وحروباً وانحلالاً، وهناك كذبة وأفاقون، ومرتزقة وتجار موت، مثل تجار السلاح والأفيون والرقيق، هناك من يجير وقائع التاريخ ونصوص القرآن، وواقع سير الأنبياء والصالحين، ليقول، إن القتل والذبح الذي نشهده كل يوم ليس جديداً، ولا علاقة له بالحاضر، أو بالديكتاتوريات والجهل، والتفاسير المنحرفة للدين والقراءات المشوهة للنصوص، يقولون، إن الذبح والقتل جذر رئيس وأساسي قام عليه الإسلام وسيرة الرسول العظيم، والذين يقولون ذلك، ليسوا من الجهال، ولكن ممن يتصدرون الشاشات للوعظ والفتوى.
بهذا الذي نسمعه ونتداوله ونقتاته عبر الإعلام التقليدي والحديث، نحن لا نبني شيئاً للمستقبل، للأسف نحن لا نبني من الأساس سوى منظومات تنابذ وفرقة واختلاف عميق يؤسس لحروب أكبر ولجماعات أكثر فاشية من داعش، وأكثر تطرفاً من طالبان والقاعدة، هذا الدمار لن يوقفه إلا أشخاص عقلاء محبون للسلام ومؤمنون بالمستقبل، لكن هل يستطيعون فعل شيء بالتوازي مع ما يحدث؟ إذا تفاءلنا سنقول نعم يستطيعون، لأن الحياة لم تستمر على هذه الأرض، إلا بفضل أشخاص عقلاء ومؤمنين بالغد وبخير الإنسان على امتداد التاريخ الإنساني، يتوجب أن يجدوا دعماً واضحاً لمشروعهم، وإلا فإن يداً واحدة لا تصفق أبداً!
"الاتحاد"