عائشة سلطان
في عالم يسيطر عليه الخبر والصورة والشائعة لا مجال للإنسان أن يتحاشى تأثيرات ذلك عليه وعلى تفاصيل حياته، فالإعلام اليوم يفعل بنا كبشر عاديين أكثر مما نعتقد وأحياناً أكثر مما نراه في الواقع، فالأخبار بكل تفاصيلها وظروفها والصور بكل دلالاتها المباشرة والرمزية، لا تؤثر في كمية ومستوى معلوماتنا ومعارفنا فقط، ولا تعرفنا بما يحدث حولنا فقط، ولا تجعلنا على صلة دائمة ووثيقة بكل ما يجري فقط، هي تفعل كل ذلك وأكثر، إنها تصنع يومنا وحياتنا وتشكل مزاجنا ونفسياتنا وشكل توقعاتنا ونظرتنا للحياة والمستقبل، الإعلام في نظر البعض يضع أجنداتنا اليومية، بماذا نهتم، من نؤيد، من نكره، من نصدق، من ننتخب، ماذا نتابع وووو أشياء أكثر من ذلك !!
الذين يعتقدون أن الصورة التي تظهر مع الخبر، مجرد صورة بثتها وكالات الأنباء وتناولها صحفي بسيط بحسن نية وأرفقها مع الخبر مع (كبشن) او تعليق توضيحي، يكون مبالغا في تبسيطه للصورة ودلالاتها الوجدانية والذهنية والسياسية، الصورة رسالة وهي مهمة وخطيرة جدا، والتلاعب بها او فيها يقود لما لا تحمد عقباه، (مازلنا نتذكر حين تلاعبت جريدة الأهرام بتلك الصورة التي ظهر فيها حسني مبارك والرئيس الأميركي وأبو مازن ووو) ولا شك أننا سنظل نتذكر صوراً أخرى ذات دلالات وأبعاد أخطر !
ونحن محكومون بالصورة أكثر من الخبر، الصورة أكثر سطوة، أكثر تأثيرا وأبلغ في إيصال الرسالة، لأنها تتمتع بجملة خصائص تجعلها حين تظهر أو تعرض أمامنا تشبه تماما انطلاق الرصاصة من فوهة المسدس لتمزق اللحم مباشرة وبسرعة قصوى، إنها تسحب كل قدرات الممانعة والرفض من العين والعقل، وكذلك رغبة التفكير لتأخذك سريعا الى الهدف الذي تريد إيصاله لك فلا تستطيع سوى أن تصدق ما تقدمه لك !!
هناك صور حكمت الذاكرة لعقود طويلة ومازالت تسيطر على أجيال، تلك الصور كونت أفكار وثقافة أجيال متعاقبة كصورة الثائر تشي جيفارا، ونجمة الإغراء مارلين وصورة الأطفال الهاربين من قنابل النابالم في ڤيتنام وغيرها.
الاحتفاء بالصورة سببه هو ذلك الأثر الذي تتركه الصورة، انه الأثر الذي يحول البعض الى أيقونات والأحداث الى محطات تاريخية بسبب الطريقة التي تعرض بها الصور الأحداث والرموز.. الصور يمكن أن تقلب حياة البعض رأساً على عقب أيضاً !