عائشة سلطان
في مقالة مهمة له في جريدة «عمان» تحت عنوان (يوسف زيدان والفكر المفبرك) ناقش الكاتب العماني عاصم الشيدي فكرة في غاية الأهمية والحساسية وربما تقع في منطقة المحرمات الثقافية أو الفكرية التي تقال همساً، لكنها لا تناقش علناً خاصة في صحفنا الخليجية، إنها تلك النظرة والمعاملة والتفكير الفوقي لكثير من المثقفين العرب - للأسف - للخليج، يقول الشيدي «وهذه النظرة ليست جديدة فالكثير من الأدباء والمثقفين العرب لا يرون الخليج إلا صورة فيها بئر نفط وخيمة شعر وجمال وبشر لا يبحثون إلا عن إشباع شهواتهم، وأنهم بعيدون كل البعد عن الإبداع لأن الإبداع وليد المعاناة وهم أبعد ما يكون عنها».
لا شك أن هذه النظرة موجودة على الرغم من أن الصورة كانت أسوأ بكثير في الماضي مما هي عليه الآن، ولا شك أن هناك تهمة أو حكما جاهزا يضعه بعض المثقفين العرب في جيوب ستراتهم وعندما تلوح أي قضية خلافية بينك وبينه فإنه لا يتوانى عن المجاهرة به وبوقاحة للأسف، مبطنا كلامه بتلميحات من قبيل ان الخليجي لا علاقة له بالثقافة والمعرفة أساسا فهو لا يعدو كونه بدوياً وسليل ثقافة الجمل وخيمة الشعر وجلسات القهوة ليلا تحت ضوء القمر لا أكثر، وهي نفسها الصورة التي تجتهد مكاتب السياحة اليوم لتكريسها وتعزيزها والاشتغال عليها من اجل كسب أفواج سياحية أكثر، هذه الصورة السياحية ليست خاطئة ولكنها ناقصة بشكل كبير وظالمة بشكل فج، وكما كتب الدكتور محمد الرميحي منذ سنوات «الخليج ليس نفطاً» !
هذه الصورة السياحية القاصرة والناقصة والخادشة لإنسانية الخليجي ولإبداعه وثقافته أسهمت المؤسسة الثقافية الرسمية في الخليج في تعزيزها إما بإهمال تصحيحها والاشتغال على الصورة البديلة الصحيحة وإما بإهمال المثقف الخليجي المواطن وتقديم المثقف العربي عن غير استحقاق أحيانا، ما جعل المثقف الخليجي بعيدا عن الأضواء زمنا طويلا وعن المشهد الابداعي والإعلامي العربي متقدما عليه أشباه المبدعين أحيانا والأمر ينطبق على الجوائز ايضا فلا «تكون الجائزة معترفا بها او ذات قيمة إلا اذا فاز بها مبدع من مبدعي دول المركز العربية مهما كان مثقفي دول الأطراف أكثر إبداعا وتميزا»
الجوائز والحضور المكثف يحتاج علاقات وحراكا مؤسسيا وشخصيا وهنا يجدر بالمؤسسة الرسمية كما بالكيانات الثقافية المستقلة أن تجتهد لكسر هذه النظرة الدونية للمثقف وتدفع باتجاه حضوره وتواجده واستحقاقه للجوائز وحظوة الحضور وحق التواجد خاصة حين يكون مستحقا وهو مستحق بالفعل كما أن الخليج يستحق أن يرتفع قويا على رافعة الإبداع والثقافة طالما وجد من يحملها وينتمي إليها من أبنائه !