الاحتياجات والرغبات

الاحتياجات والرغبات

الاحتياجات والرغبات

 صوت الإمارات -

الاحتياجات والرغبات

عائشة سلطان

في منتصف المسافة بين الرغبات التي نلهث خلفها والحاجات الحقيقية التي يفترض بنا السعي لتلبيتها كي تستقيم ظروف حياتنا يقع الوعي ، فبغض النظر عن مقدرتنا الشرائية، وبعيداً عن مستوياتنا ومكانتنا الاجتماعية نحن نحدد احتياجاتنا الحقيقية بوعينا المتكون نتيجة معارفنا وثقافتنا وإنسانيتنا، أما حين ينعدم الوعي أو يكون مشوهاً يحصل الخلط وتحدث الفوضى، لا نعرف الفرق بين الرغبات والحاجات ، كما لا نعود نسأل أو نفقد حساسية السؤال أمام الواجهات المحتشدة بالبهرجة والأشياء ، أمام دهشتنا واستلابنا إزاء السوق تجدنا لا نفرق بين الفرجة والاقتناء ، فنتحول إلى مخلوقات تقتني طوال الوقت وتكدس أشياء لا تحتاجها بقدر ما تحب رؤيتها أو امتلاكها، وتلك إشكالية نفسية وحضارية عبر عنها الفيلسوف الجزائري ( مالك بن نبي ) في كتابه « شروط النهضة « وسماها ظاهرة تكديس الأشياء !

 

التكديس إذا لم يؤد إلى إنتاج شيء في المقابل فإنه يتحول إلى عبء، نحن نشتري كل شيء طوال النهار لأننا مغرمون بأشياء الآخرين ، ببذخهم وتألق ملابسهم ومقتنياتهم ، نريد أن نلبس مثلهم ونقود سياراتهم، ونضع أحمر الشفاه الذي اخترعوه والكعب العالي، ونحمل حقيبة شانيل، ونضع عطر مدام كوكو، مستلبون بشكل لا يصدق أمام الأسماء الكبيرة جداً، وحين تظهر تلك المذيعة النحيلة وهي تدخل إلى محل من تلك المحال التي تداعب الأحلام وتشكل أيقونات عالمية للموضة والأناقة فإننا نتلاشى من شدة التأثر والحسد، نعم نحسد تلك المذيعة النحيلة التي تجلس على المقعد ذاته الذي جلست عليه الأسطورة مدام كوكو شانيل، وتحمل الحقيبة ذاتها وترتدي الحذاء نفسه الذي لبسته، نحن مشدوهون متناثرون كريش الإشاعة في كل مكان أمام الأشياء، لكننا لا نغادر التكديس ولم نغادره أبداً باتجاه البناء !
مالك بن نبي يقول اقتناء وتكديس الأشياء ليس خطأ ، لكن التكديس ليس حلاً للعالم العربي، فنحن إذا بقينا مبهورين بالأشياء لن نصل إلى جوهرها، إن وراء العطر قصة شغف، ووراء السيارة حكاية كفاح وتجارب ومناهج بحث، ووراء أساطير الموضة تفاصيل لا نهاية لها من الدقة والإتقان والحرفية ، نحن نشتري « أشياء « الحضارة لكننا لا نشتري روحها، وهي أصلا لن تبيعنا روحها إذا لم نحاول أن نعرف ونبحث ونجتهد ونتخلص من عقدة الاستلاب والإغراق في استهلاكية بغيضة بلا طائل !

مع أحمر الشفاه لن نشتري الحرفية ومع السيارة لن نشتري الدقة، لكن علينا على الأقل أن نراكم حكاية وعي تبدأ بمعرفة الفرق بين الاحتياجات والرغبات بناء على المعرفة والعلم والثقافة والحاجة الحقيقية .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتياجات والرغبات الاحتياجات والرغبات



GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 14:51 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الأشقاء السوريون!

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الجهاز الإدارى للدولة

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 11:16 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يشعر بالسعادة لارتدائه الفانيلة الحمراء

GMT 11:56 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات بتراجع أعداد الدب القطبي بنسبة 30% بسبب تقلص الجليد

GMT 23:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحواض السمك تجلب الهدوء وتضفي جمالًا على حديقتك

GMT 17:42 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الاحتفال بذكرى رحيل عمار الشريعى بإذاعة الشرق الأوسط

GMT 04:41 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الربيع يحل قبل 3 أسابيع في الولايات المتحدة الأميركية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates