أكثر من واقعة ضرب

أكثر من واقعة ضرب

أكثر من واقعة ضرب

 صوت الإمارات -

أكثر من واقعة ضرب

عائشة سلطان

مقطع الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد المعلمين داخل فصل دراسي، وهو يكيل الضرب لطالب صغير ربما في المرحلة الابتدائية، ما كان له أن يظهر للنور لولا وجود أسرة متهاونة سمحت لابنها بالذهاب للمدرسة مصطحباً هاتفاً نقالاً، ولولا تهاون الإدارة كذلك في الأمر، هذا الفيديو الذي أحدث صدمة في أوساط من شاهدوه، برغم اختلاف وجهات النظر التي طرحت حول القضية، والتي انطلق معظمها من واقع ما يعانيه المعلمون في المدارس على يد الطلاب، مع ذلك، فلا قواعد التربية ولا أصولها، ولا متطلباتها يمكن أن تدفع بمعلم لضرب تلاميذه بهذا الشكل العنيف والمهين، بغض النظر عما يقال حول استفزاز الطالب له، ففي نهاية الأمر، لو أن كل معلم استفزه سلوك أحد طلابه، فقام بضربه وإهانته لتحولت مدارسنا إلى «إصلاحيات»!!
 أقول ذلك، وأنا على يقين بأن للمعلم هيبة يجب أن تصان، كما أن للطالب حقوقاً يجب أن تراعى، وأن منظومة التربية بناء مهم وخطير يقوم على ركائز عدة، وكل يتحمل جزءاً من المسؤولية في حالة خلخلة أو ضعف البناء، كما في الحالة التي أمامنا اليوم!
كثيرون رموا بالكرة في ملعب الطالب ليبدو المعلم بريئاً، حفاظاً على مكانة المعلم، اتفق تماماً مع الحفاظ على مكانة وهيبة المعلم، لكني لا أتفق مع تحميل الطالب كامل المسؤولية، فماذا يمكن أن يكون الطالب قد فعل ليستحق هذا العقاب، والأهم أليس المعلم هو الفاعل الأهم والأقوى، وصاحب الأدوات الأكثر تنوعاً في هذه المواقف؟ فلماذا اختار هذه الأداة إذن: الضرب وبهذه الطريقة؟ ربما تكون معاقبة الطالب على خطئه أمراً ضرورياً، وجزءاً مكملاً للعملية التربوية، لكن لنتفق على أن هناك حدوداً فاصلة بين الضرب للتأديب والضرب للضرب، الضرب ليس غاية أو هدفاً في حد ذاته، ليس آلية دفاع يستخدمها المعلم للحفاظ على هيبته المفقودة، فالمعلم الحق هو من يأتي إلى التعليم بكامل أدواته ليستحق كامل الاحترام والوقار، وعلى بقية أجزاء المنظومة: الأسرة، الإدارة المدرسية، الإدارة التعليمية العليا، أن تتكفل له بتوفير استحقاقات وشروط عمله ودوره ومكانته، كي لا يحصل الخلل، وتفقد المدرسة دورها والمعلم هيبته! إن الأمر يتجاوز خطأ الطالب الصغير إلى عدم تقدير الموقف جيداً من قبل المعلم، وبما يستحق من عقاب أو ردة فعل!

إن القضية خلافية منذ سنوات طويلة بين الميدان وعلماء النفس وأولياء الأمور، فيما يتعلق بموضوع الضرب من حيث منعه أو تقنينه، أو تركه لمزاج المعلم أو مقتضيات الظرف، مع ذلك، فنحن هنا وأمام هذه الحادثة لابد أن نتجاوز الجزء لنتحدث عن الكل، إن المعلمين والمعلمات الذين راق لهم ضرب الطالب، وطالبوا بتكسير رأسه، انطلاقاً من أنه الطريق لاستعادة هيبة المعلم لم يوفقوا، فهذا حتماً ليس هو الحل، الحل بتفكيك كل الخيوط التي تجعل المعلم متوتراً بالشكل الذي يدفعه لتصرفات تقود لما لا تحمد عقباه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكثر من واقعة ضرب أكثر من واقعة ضرب



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates