ناصر الظاهري
كل عام والجميع بخير وأمن وسلام، عام ملؤه الحب والفرح والسعادة للجميع، عام خال من الدموع إلا ما كانت دموعا صادقة تجاه موقف نبيل أو دموعا تسابق شهقة الضحكة التي تخرج من القلب هكذا فجأة.. ودون استئذان، عام جديد نتمنى فيه أن يهجع العالم إلى السلام والأمن والوئام، بعيداً عن مكائد السياسة والمصالح التي تسيّر في خدمتها دهاقنة المكر والدسائس والجنود المجندة، جاعلين من أسلحتهم وعتادهم الحديدي يمضي في أجساد الناس ودمهم، وكأن الحياة ليس فيها ذاك المتسع، وكأن الدنيا ضاقت بهم وبمراعيهم، ليقتاتوا على رزق الناس البسطاء، ويتاجروا بأعضائهم وأراضيهم وضمائرهم، ليبقى الرجل الأبيض هو المتسيد والمستأسد، وليذهب الآخرون إلى الجحيم.
* في فرح وضحكة ليلة رأس السنة، جرب الساهرون حظوظهم وبركة أياديهم عليهم في فجر أول يوم من العام الجديد، بعضهم تفاءل وبعضهم تشاءم والبعض الآخر تشاءل، بعضهم قال أنا أعرف حظي، فلا داع للتجريب، والبعض قال أنا أعرف حظي، فلأعاند هذا الحظ، ولا أملّ التجريب، بعضهم الآخر استسلم للحالة وقال، فليأت ما يأتي، فالزائد أخو الناقص والبعض الآخر ورغم أنه كسب شيئاً جميلاً، إلا أن الرضا كان غائباً عنه، والبعض الآخر لا تهزّه إلا الأشياء الكبيرة، أما الأشياء الجميلة، إن كانت صغيرة، فهي مصدر حيرة وقلق وجهل بالتصرف حيالها، في هذا الجمع الذي كانت تحفه البسمة والألفة والبهجة ودفء العام الجديد.
* كثيرون يتحسرون على الزمن، يحملونه أخطاءهم ومصاعبهم.. قليلون من يرضون عن أعوامهم المنصرمة، الكبير يحنّ لماضيه ويحب أن يصغر، الصغير يتطلع للغد ويريد أن يكبر، لكن الجميع في النهاية خاسر، هي دورة الزمن، من يقف كالعصا؟ يوقف هذه العجلة التي تسير بسرعة لا نرضاها، من يعقر هذه الأحصنة الجامحة التي تجر تلك العربة للهاوية الأخيرة، تسحب سنوات العمر، ولحظات السعادة والعنفوان؟
* لماذا كل الناس يتمنون لبعضهم وهم يتبادلون التهاني بالصحة والعافية والسعادة والخير، ولا يتمنون المال والتوفيق في تجارة الأسهم ولا أن يحصلوا على عمارة تجارية، ببساطة لأن الأشياء الأولى ليست في يد الإنسان، وإنما هي تجري بها رياح الغيب والنصيب، أما الأشياء الثانية فقادر الإنسان أن يضرب لها أكباد الإبل فيجدها أو أن يسهر حين ينام الناس ملء جفونهم، فيأتيه ثمار السهر وجني التعب وراحة النجاح..