ناصر الظاهري
معرض أبوظبي للكتاب كشف لسهيلة، بعض المكر الثقافي، والتحايل الفكري، وأن معظم الأشخاص الذين في لائحة نقّالي، لهم كتب في المعرض، فتعجبت أن أكون بتلك الشهرة التي توازي شهرة الفنان «عماد حمدي»، ولي صلات بالكثير من المشاهير، ثم شكت أن يكون أصحاب تلك الأسماء أحياء يرزقون، خاصة وأن أسماءهم تنتمي لعصور موغلة في القدم، مثل «أبو حجر العسقلاني» و«النيسابوري» و«ابن بختيشوع» الذي أصرت عليه بالذات أن تسمع رنّة هاتفه، وتعرف إن كان معي في الـ «واتز آب»، فحاولت أن أشرح لها وجهة نظري بهذا الموضوع بالذات، لكنها أدركت المنزلق اللغوي الذي يمكن أن تهوي فيه إن ظلت تسمع تبريراتي، وتعليلاتي، وما يمكن أن يدعم قولي من حجج وأدلة وبراهين وسلاطين، فقالت لي: «بالعامية أريد أعرف منو هاذيلا»؟ وخلّ عنك خريط أعتقد، ومهلاً سيدتي، وأن الموقف يتطلب بعض الشفافية، وقليلا من التروي، تراني أتغدى وأتعشى من هالكلام، ولا تقول لي: أُسقط في يدي، يعل أيدك القصّ»!
ساعتها تمنيت لو أن كل الخطوط تكون مشغولة، أو خارج نطاق التغطية، وتسمع تلك النغمة: «عليك معاودة الاتصال مرة أخرى»، والمشكلة أن أصحاب، وهي تشك كثيراً أنهن صاحبات الأرقام، لا أعرف الآن «من هم»؟، وهي تصرّ على «من هن»؟ بعضها باعد الزمن بيني، وبينه، وبعضها ربما شق طريقه في دنيا جديدة، وربما أجمل، وبعضها الآخر ما زالت هناك اتصالات متباعدة ومتقطعة، عند الضجر الشتوي، والقلق الليلي، ليس إلا، ولا أستطيع أن أحلف في مثل هذا الموقف، خاصة وأن الرقم المميز لـ«ابن خلكان» لا يوحي إلا بمشاغبات خارج المستطيل الأخضر، ولو أن الحلف على الحرمة ميسرّ، وفيه رخصة، ثم أن هناك مبدأ كثيراً ما أسير عليه في الحياة المقدسة، وهو :«ما كد حلف كافود»، على رأي شوابنا، لكن هذه المرة سهيلة لي بالمرصاد، وواقفة على مرمى حجر من مسكي متلبساً، ويكاد المريب أن يقول خذوني، وما من حيلة حتى لو حلفت على رأس بكرها الذي تخاف عليه من العين، يمكنها أن تنقذني، حتى الأحلام الفانتازية التي تراودني حينها، كأن يرسل لي أحد «الهاكرز» لحظتها فيروساً يفتك بتلك الأرقام، ويجعلها دَكّاً، أو ليتني بمحاذاة الشريعة، ويفرط ذلك النقال الأملس فيها، ولا يبين منه رقم، صرخة سهيلة أخرجتني من أحلامي الوردية للواقع المعاش، وتكهرب الوضع مع رنّة من هاتف «ابن عبد ربه الأندلسي»!