كم عظيمة هي الجسور 2

كم عظيمة هي الجسور 2-

كم عظيمة هي الجسور 2-

 صوت الإمارات -

كم عظيمة هي الجسور 2

ناصر الظاهري

أوروبا بعد ما أنهت حروبها الكبرى، أول شيء عملته أنها فتحت الحدود وهي مطمئنة، وهي بذلك كمن يبني جسراً ليصل ما بين الأشياء المتداعية من الحرب، وبين ما خلّفته الحروب، جسور لكي تعبر الثقافة والمواصلات والاتصالات وفنون الحضارات، والإنسان الحر، فقط ما تمنعه هذه الجسور هو السلاح، وأدوات الدمار، وما قد يضر بالبيئة أو يحطم القوانين، من ينظر لألمانيا غير الموحدة، والمشطورة لألمانيتين في ظل سور برلين، وينظر لها الآن بعد ربع قرن، وكيف تسيدت أوروبا، واعتلت مكاناً بين الدول العظمى، وأصبحت قوة اقتصادية مرهوبة الجانب دونما أي تجييش أو عسكرة، كما أراد لها الرايخ، ونازية هتلر.

وهو درس على الجميع أن يستوعبه، وفي مقدمتهم إيران، من الانهيارات الكبيرة، ومن الجمود الطويل، ومن العزلة المصطنعة، ومن خنق حرية الناس، والتضييق عليهم، والاكتفاء بإطعامهم شعارات هوائية، تنفخ البطون ولا تسمن أو تغني من جوع، فالشعوب التي نهضت من سبات الشعارات، وجدت ضرر المصانع المدمرة للحياة، وجدت الفساد، وبيع المقدرات، وسرقة التراث والتاريخ، وجدت الاعتداء على الطبيعة، والشرور المهددة للبيئة، اكتشف الناس أن ما كان يصرفه النظام على الأسلحة والتسليح، وبناء الغواصات والبوارج، ودسائس السياسة، ومهرجانات البلاغة، كان بالمليارات، ولا كان حصداً ولا كان الشعار شعراً، ولا شعيراً، فقد بيع الحديد في غفلة بدراهم بخسة، كقطع فاسدة أو خردة تالفة، وأن أبناء الشهداء والمدافعين عن الوطن في الحروب الخاسرة، لا يقدرون اليوم على الانتظام في المدارس، وأن نياشين الأجداد، لا تطعم الحفيد كسرة خبز أو تجبر كسراً في الضلع.
ثمة لعبة جميلة لعبتها اليابان الخاسرة للحرب مع الاتحاد السوفييتي يوم كان في حجمه وبحجمه، صبرت اليابان على جرحها، وصبرت على جزرها الـ«كوريل»، وصبرت على تلويح قادة الكرملين بالجيش الأحمر، في كل حين، وفي كل نشوة، غير أن اليابان نهضت من رماد الحرب، واشتغلت على تغيير صورتها عند الشعوب، واتجهت للعلم والتصنيع السلمي والاهتمام بالإنسان، اليوم تعملقت اليابان، وتقزم الدب الروسي، وجاء يطلب من اليابان عملة خضراء لكي يطعم نفسه، ويلملم بقايا الفساد، والتسابق المسلح، ودعم الشعوب الثائرة، فجزر الـ«كوريل» لا نبت ولا زرع فيها، وهي لا تساوي اللقمة التي تسد الرمق، ولا يمكن أن تزيد من مساحة روسيا شيئاً، وافقت اليابان، ليس لأن الدب الروسي جوعان، ولكن لأن الجزر غالية، ولعبة الحضارة أقوى من الحرب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم عظيمة هي الجسور 2 كم عظيمة هي الجسور 2



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 22:44 2013 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

مواجهات بين طلبة أكراد وإسلاميين في جامعة تركية

GMT 01:26 2013 الأحد ,18 آب / أغسطس

"أميركية دبي" تستضيف مؤتمر طلاب هارفارد

GMT 09:55 2013 الجمعة ,31 أيار / مايو

زر "ابدأ" يعود لويندوز 8

GMT 11:19 2015 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جامعتا الأردنية وكوفنتري توقعان اتفاقية تعاون علمي وبحثي

GMT 01:17 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلات الطيران تنضم لعروض بلاك فرايدى بأسعار مذهلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates