كتاب الغزالي

كتاب الغزالي

كتاب الغزالي

 صوت الإمارات -

كتاب الغزالي

ناصر الظاهري

في الزمن البعيد، كنت أسمع عن أشخاص «على سبحانيتهم» لهم صفة الدراويش في العين، والبعض من الناس كان يغلظ عليهم في الكلام، ويقول عنهم مجانين، وحين كنت أسأل من كان يكبرني، كانوا يقولون: إن فلانا قرأ كتاب «الغزالي»، وجن، لأن هذا الكتاب ليس لكل أحد، إلا للراسخين في العلم، والمتمكنين من آي الذكر، والمحوطين بالأحجبة و«الحصن الحصين»، لم يكن أحد يعرف ما هو كتاب «الغزالي»؟ ومن هو «الغزالي» أصلاً؟ وهل يوجد مثل هذا الكتاب الذي يجلب الجنون، لأنه عصّي على الفهم، ويقلب الرأس، ويؤثر على الدماغ، فيخرج العاقل من رصاغ عقله، ولما كنت أسأل هل أحد رأى كتاب «الغزالي»؟ أسمع الرد العاجل «أنت مجنون، منو يقدر يشوفه وإلا يملكه، المطاوعة ما قدروا عليه»، كنت مصراً لو أن كتاب «الغزالي» وقع بين يدي لأقرأه، ولأعرف ماهيته، ثم تصيبني رجفة أو قشعريرة، فأتراجع عن تحدي النفس، وبدأت أشك أن فيه أحجية وطلاسم وتلك الحسابات والأرقام المعقدة، والتي تستدعي الجن آخر الليل من جبل «النقفة».

وبعدما كبرت، والأشخاص الذين يشبهون الدراويش، وكانوا «على سبحانيتهم» والذين كان بعض الناس يقول عنهم في غيابهم إنهم جنوا بسبب ذلك الكتاب، ولم تحتمل أجسادهم وعقولهم ما فيه من بيان وسحر، قد شفي بعضهم وتزوج، وبعضهم ظل هائماً في الطرقات، لكنه غير مؤذٍ، وآخر عجبته المدنية الجديدة، والمدينة فجرّب ما فيها من غواية، واعتدل، رجعت أبحث عن ذلك الكتاب القديم، فمرة رجحت أنه كتاب «أبي حامد الغزالي» في التصوف أو في رده على الفلاسفة، وأنه ليس بكتاب بعينه، والخوف لم يكن من الكتاب، ولكن الخوف الحقيقي كان من الفلسفة، وهذا إرث تعاقب علينا من أيام «الانحطاط» وضعف الدولة الإسلامية، وتكريس الجهل، وتفضيل النقل من قبل الدولة العثمانية في مدن الأطراف، والبلاد العربية، وتسلل مبادئ الصوفية، لا مظهريتها.
لذا ظهر عندنا مقولة شعبية، مردها: «أن القراءة ترّث الجنون»، أو «أكّوه ولد فلان عنثر الليل، صبّح مينون، وشو منه، من هالكتب، وهالقراة»، والحقيقة التي كانت يجب أن تجلى أن القراءة تفعل في الرأس، وتغير الساكن، وترفض النقل الجاهل، وتعمل العقل والمنطق في قياس الأمور، وتوسع المدارك، وتستجلي ما غاب عن الذهون، وما تكرس من الظنون، لذا القارئ بالفكر ينطق، ويخالف الرأي السائد المبني على الجهل، ويستنير بما غذى عقله، وأجلى بصيرته، فيرى ما لا يراه الآخرون، لذا عدوه مجنوناً، ولقد كانت صفة يطلقها الجهلاء على الحكماء والأنبياء والمصلحين، فتارة شاعر، وتارة كاهن، وتارة أخرى مجنون!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب الغزالي كتاب الغزالي



GMT 20:13 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 20:12 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 20:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 20:08 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates