ناصر الظاهري
هناك مخالفات مسكوت عنها، وإلا من سمح لذلك المرابي الهندي أن يستأجر خمس شقق بأربع غرف وصالة، ويقوم بتأجيرها من الباطن على عمال ومعثرين في الحياة، باديء القول إنه يساعدهم، وباطنه أنه يستغني من وراء ظهورهم بعد أن يعيّشهم في أوضاع إنسانية قاسية، وربما هم راضون عن الوضع، لأنهم جاءوا من أماكن أكثر بؤساً وأكثر فقراً، لكن نحن من سمح لهذا البانيان الهندي أن يتغلغل إلى عمارات بعينها ويستأجر من ملاكها: واحد متقاعد من العين، وواحد شيبة من المنطقة الغربية، وواحد وكيل ورثة وأرملة بالثلاث والأربع شقق، ويغريهم بالدفع كاملاً ومقدماً، تعالوا وأحسبوا ماذا يفعل، وماذا يكسب ذاك المرابي ومن على شاكلته؟ وهم كثر في العاصمة، منهم «المواطن» ومنهم «اليمني والفلسطيني والمصري والسوري» ومنهم الباكستاني، ومنهم الصيني، ومنهم الفلبيني وأكثرهم الهنود، ويقال إن هذه المافيا تضم نساء متسلطات أيضاً من جنسيات أخرى، إضافة لبعض الشركات ذات النصب العالمي التي توفر لعمالها منامة بمخدة بنفس الطريقة وأسوأ.
هؤلاء يسيئون للإمارات وصورتها، ويسيئون للعمال وإنسانيتهم، ويبقون مكاننا في القوائم السوداء لجمعيات حقوق الإنسان، وفي متناول حديث بعض الصحف الأجنبية التي تخدم أجندات معروفة، وتمول من قبل أفراد وشركات دولية وهمية من أجل تأدية هدف معين.
مافيا المرابين يكسبون في الشقة أم أربع غرف وصالة والتي أستأجروها بـ200 ألف سنوياً، أضعافا مضاعفة من كد وشقاء هؤلاء العمال، ففي كل غرفة هناك خمسة أسرّة ذات طابقين، يدفع كل واحد من العشرة ساكنين مبلغ 700 درهم شهرياً، والحصيلة من الغرفة الواحدة 7 آلاف درهم شهرياً، مضروبة في أربع غرف وصالة، نتيجتها 35 ألف درهم شهرياً، في 12 شهراً، والحاصل سنوياً 420 ألف درهم، ولكم أن تتخيلوا كم شقة يستأجر هؤلاء المرابون، وكم من بائس بحاجة إلى مأوى في المدينة من دون أن يدفع مقابله مالاً كثيراً، ولو كان على حساب صحته ووضعه الإنساني.
اليوم يتوفر للعمال في المناطق العمالية أماكن للسكن صحية وذات مواصفات إنسانية، وما يتبعها من خدمات إضافية، وبأجور رمزية، وتكفينا شرور الاكتظاظ والجريمة وعدم النظافة وما يتبعها، ويبقي صورة الإمارات وسجلها نظيفاً، فإلى متى ستتحمل هذه الدولة تبعات أفراد وشركات، وجشعهم المادي، الدولة تبني صورة جميلة وزاهية لها، وتصرف أموالاً طائلة لكي تصل هذه الصورة الحضارية، ويأتي من هب ودب مسترزقاً، ويعض يدها، ويسيء لصورتها!