ناصر الظاهري
اليوم أهم ما يميز جائزة عن جائزة هو المصداقية والاستمرارية، وما يعلو من مقام جائزة عن جائزة، قدرتها على الخروج من المحلية إلى الضفة الأخرى، سواء أكانت عربية أو عالمية، وهذا ما يحسب لجائزة الصحافة العربية التي انطلقت من دبي كفكرة عربية ومحلية متفردة، وغير مسبوقة قبل عشر سنوات، استطاعت خلالها أن تنهض بجهود تراكمية عاماً بعد عام، وتؤسس تقاليد، وتقلد مؤسسين عاماً بعد عام، ذهبت لفئة الشباب الصحفي، والجديد على خطوات المهنة، فلم تبخسه حقه من الفرح ومن التتويج ومن إنارة الطريق الصعبة أمامه، لم تنس رسام الكاريكاتير ذلك المتنسك في زاويته الصغيرة في الجريدة، والذي يمكن أن يضحك القارئ من وجعه أو يبكّيه من فرحه، لم تنس مصور الجريدة المثقل ظهره، والمكشوف ظهره ليظفر بلقطة هي أبلغ من ألف كلمة، لقد سدت الجائزة ذلك الفراغ في منح الجوائز السنوية حين انحازت للإعلام والصحافة المكتوبة بالذات، أولئك المغمسين بالمهنة الذين يحاربون على أكثر من جبهة، جبهة بقاء المهنة وقدرتها على التطور من جديد قادم وغامض، وجبهة ميدانية حيث الرقيب والسجن والإقصاء السياسي وحتى التصفية الجسدية للشريف منهم، وجبهة الصراع من أجل البقاء على رمق معقول من ضروريات الحياة ومتطلباتها المعيشية.
لذا من أجل كل هؤلاء جاءت هذه الجائزة بمباركة كريمة، ورعاية دائمة من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي يحرص سنوياً على تكريم الفائزين بجوائزها في حفلها الختامي، كما يشهد فعاليات الملتقى الإعلامي المصاحب لها، كما جاءت الجائزة أيضاً من أجل أن تشكر جهود هؤلاء، وتثمن تضحياتهم الكثيرة، وتأخذ بيد المبتدئين المشائين على رخام جلالتها المحفوف بالمخاطر والدموع، دموع فرح أو تجرعات أحزان، لا تفرق بين موريتاني في أقصى المغرب العربي، وعُماني في أقصى المشرق العربي، فالجائزة عربية صرفة، وتذهب للإبداع والنجاح العربي أينما كان، فقط أن مسكنها الإمارات، وتحمل ود أهلها.
ولو نظرنا للفائزين بها خلال الأعوام المنصرمة من صحفيين ذوي أسماء غير لامعة، لكنها مجتهدة، سنجد دليل الموضوعية والمصداقية، والبعد عن المحاباة أو التوظيف السياسي والأيدولوجي، فالمقياس الحرفية والثوابت المهنية، ولو نظرنا لكوكبة رهبان المهنة الذين شرّفوا الجائزة بنيلها، لوجدنا صدق التوجه، ونبل التقدير، فالجائزة لم تنس فرسان بلاط صاحبة الجلالة والتكريم المقدم لهم قبل أن تنقضي خطوات الحياة، سنوات مرّت من عمر جائزة نحبها.. ليتها تطول.. وتدوم.