بقلم : ناصر الظاهري
لو أن كل شخص في هذا الوطن العربي المنكوب والمبتلى قابل شغله، وشغله فقط، لكنا اليوم بخير، وكنا في عداد ركب الأمم المتقدمة، لكن المشكلة الرئيس، هي أننا نترك أشغالنا، ونهتم بأشغال الناس، فلا نلحق على الثاني، ونفرّط في الأول، دائماً نفكر في الآخر، والغير، ما عنده؟ وكم عنده؟ ولم عنده؟ ونضع أنفسنا في خانة اليتم والإملاق، وفي زاوية البؤس، وهناك نَفَر منا فيهم الخير ويحبون الحركة، ويجنون البركة، لكن جماعة النفر الآخر،
من المعطلين والحاسدين والذين يعجبون ثمار الغير، يقفون لهم بالمرصاد، ويضعون في طريقهم من المشكلات الصغيرة، والأحجار المعثّرة، فيشغلونهم عن حل مشكلاتهم، والالتفات للمشكلات الصغيرة التي خلقوها في طريقهم، فمثلاً رجل مهتم بعمله وتجارته، وكيف يسيّرها بالتي هي أحسن، يأتي نصّاب، ويخلق له كم نصبة، وكم شيك مرتجع، ويظل التاجر يسعى لحل المشكلات التي نصبت له، وفي طريقه، وبالتالي يعطل مصدر رزقه أو يوجه جزءاً من جهده ووقته، لتفادي المعضلات التي جاءت له غصباً عنه، ويمكن بذلك أن نقيس الأمور، وتعدد ما نتعرض له بشكل يومي من هنا، ومن هذا، وعن طريق ذلك، هؤلاء هم في الأساس يشتغلون فينا، وليتهم اشتغلوا بعيداً عنا، واهتموا بأنفسهم وشغلهم، إذا «علتنا الرئيس» أن هناك في هذا الوطن العربي المنكوب والمبتلى ألف حصان جامح يجرّ عربة التقدم للأمام، وهناك مليون حمار تسحبها للوراء، فقط لأن شغلتهم التي يتقنونها هو التعطيل، وكبح جماح النجاح والتطور.
لو سبرنا يوميات سويسرا أو ألمانيا مثلاً، فستعتقدون أن هناك الكثير من المعطلين سواء معطلين كبار أو مكبحين صغار في مجتمعاتهم، بالتأكيد لا، وهذا ليس جواباً عنكم، إنما من خلال المعرفة والاطلاع والتواصل مع أفراد هذه المجتمعات، فإن لم تجدوا الدافعين والمحرضين والداعمين للتقدم، فأقلها لن تجدوا المعطلين والمشتغلين بالمنتجين؛ لأن المجتمعات لا تسمح بذلك، ووعي الأفراد المواطنين لا يسمح بذلك، وهنا عندهم يظهر الفرق، ويظهر عندنا الفقر، وهنا عندهم يظهر النجاح، ويظهر عندنا الإخفاق، وهنا عندهم يظهر التقدم، ويظهر عندنا مثل رأي مثلنا العربي القديم: «البعرة تدل على البعير» أو نحن في الوراء مثل «بول البعير»!
فليت الناس في هذا الوطن العربي المنكوب والمبتلى، المنكوب بِنَا نحن الأعراب، والمبتلى من الأغراب، أن يلتفت كل واحد لشغله، ويصبر لينجز عمله، ولا يتطلع لعمل الآخرين سواء كان يريد أن يعاون أو يريد أن يتهاون، فالأولى ما في اليد، تبدو أن النار كما تقول العرب من مستصغر الشرر، ونحن «علتنا الرئيس» صغيرة!